اعلم أنّ هذا
الكلام حسبما أشار إليه الرّضيّ رضي اللّه عنه: (كلّم به طلحة و
الزّبير بعد بيعتهما له بالخلافة و قد عتبا من ترك مشورتهما و الاستعانة في الامور
بهما) و من ترك تفضيلهما في العطاء على غيرهما.
قال الشّارح
المعتزلي إنّهما قالا: ما نراه يستشيرنا في أمر و لا يفاوضنا في رأى و يقطع الأمر
دوننا و كانا يرجوان غير ذلك، و أراد طلحة أن يوليّه البصرة و أراد الزّبير أن
يوليّه الكوفة.
فلمّا شاهدا صلابته
في الدّين و قوّته في العزم، و هجره الادهان و المراقبة و رفضه المدالسة و
الموارية، و سلوكه في جميع مسالكه منهج الكتاب و السّنّة، و قد كانا يعلمان ذلك
قديما من طبعه و سجيّته، و كان عمر قال لهما و لغيرهما: إنّ الأجلح أى الأنزع إن
وليها ليحملنّكم على المحجّة البيضاء و الصراط المستقيم، و كان النّبي 6 قال من قبل: و إن تولّوها عليّا تجدوه هاديا مهدّيا، إلّا انّه
ليس الخبر كالعيان، و لا القول كالفعل، و لا الوعد كالانجاز حالا[1]
عنه و تنكّرا له، و وقعا فيه، و عاباه تطلّبا له العلل و التأويلات، و تنقما عليه
الاستبداد و ترك المشاورة، و انتقلا من ذلك إلى الوقيعة فيه بمساوات الناس في قسمة
الأموال، و أثنيا على عمر و حمدا سيرته و صوّبا رأيه، و قالا: إنّه كان يفضّل أهل
السوابق، و ضلّلا عليّا فيما رآه و قالا: إنّه أخطاء، و إنّه خالف سيرة عمر، و
استنجدا عليه بالرّؤساء من المسلمين كان عمر يفضّلهم في القسم على غيرهم.
و الناس
أبناء الدّنيا و يحبّون المال حبّا جمّا فتنكّرت على أمير المؤمنين بتنكّرهما قلوب
كثيرة.
و كان عمر
منع قريشا و المهاجرين و ذوى السوابق من الخروج من المدينة و نهاهم عن مخالطة الناس،
و نهى الناس عن مخالطتهم و رأى أنّ ذلك اسّ
[1]- حالا عنه أى تغيّرا من الاستواء الى العوج، منه.