أمارات الظفر و قال له: ليمهلني ساعة
واحدة و لم يكن عالما بصورة الحال، فلمّا عاد إليه الرّسول بذلك غضبوا و شغبوا و
قالوا: أنفذت إلى الأشتر سرّا تأمره بالجدّ و تنهاه عن الكفّ و إن لم يعد قتلناك
كما قتلنا عثمان.
فرجعت الرّسل
إلى الاشتر فقالوا له: أتحبّ أن تظفر بالعدوّ و أمير المؤمنين قد سلّت عليه خمسون
ألف سيف، فقال: ما الخبر؟ قالوا: إنّ الجيش بأسره قد أحدقوا به و هو جالس بينهم
على الأرض تحته نطع و هو مطرق و البارقة تلمع على رأسه يقولون: لئن لم يرجع الأشتر
قتلناك.
فرجع فوجد
أمير المؤمنين تحت الخطر قد ردّوه أصحابه بين الأمرين إن لم يكفّ عن الحرب إمّا أن
يسلّموه إلى معاوية أو يقتلوه و لا ناصر له منهم إلّا ولداه و ابن عمّه و نفر قليل
لا يبلغ عشرة.
فلمّا رآهم
الأشتر شتمهم و شتموه و أبوا و قالوا: المصاحف المصاحف و الرّجوع إليها لا نرى غير
ذلك، فأجابهم أمير المؤمنين إلى ذلك كرها دفعا للأفسد بالفاسد و قال لهم:
(أيّها
الناس إنه لم يزل أمرى معكم على ما احبّ) من قتال أهل البغي و العدوان و
استيصال القاسطين من حزب الشّيطان (حتّى) عاد طاعتكم لي إلى
المخالفة و نصرتكم إلى الخذلان و المنابذة فأبيتم إباء المخالفين الجفاة و
المنابذين العصاة بما (نهكتكم) و هزلتكم (الحرب) بطول مدّتها
و ثقل أوزارها.
و نبّه على
خطائهم في القعود عنها بقوله (و قد و اللّه أخذت منكم) طائفة (و تركت) طائفة فلم
تستأصلكم بالمرّة بل بقيت منكم بقيّة (و هي لعدوّكم) أنكى و (أنهك) إذ لم يبق
منهم إلّا حشاشة ضعيفة فانّ القتل في أهل الشام كان أشدّ استحرارا و الوهن فيهم
أظهر، و لو لا فساد أهل العراق لاستوصل الشّام و خلص إلى معاوية فأخذه بعنقه، و لم
يكن قد بقي من قوّة أهل الشام إلّا حركة المذبوح و مثل حركة ذنب الوزغة عند قتلها
يضطرب يمينا و شمالا.
ثمّ أخذ في
التّشكّي منهم بسوء فعلهم فقال مقابلة (لقد كنت أمس أميرا فأصبحت