قوله 7: و قد و اللّه أخذت، جملة القسم معترضة بين قد و مدخولها جيئت بها لتأكيد
الكلام.
المعنى
اعلم أنّه قد
تقدّم في شرح الخطبة الخامسة و الثلاثين تفصيل قصّة الحكومة و عرفت هناك أنّ أهل
الشام لمّا ضعفوا عن مقاومة أهل العراق و عجزوا عن مقاتلتهم و رأوا علوّ كلمة
الحقّ و أيقنوا بالهلاك و العطب، عدلوا عن القراع إلى الخداع فرفعوا المصاحف على
الرّماح بتدبير ابن النابغة عمرو بن العاص اللّعين على وجه الخديعة و المكيدة.
و لمّا رأى
أهل العراق منهم ذلك كفّوا أيديهم عن القتال و اجتمعوا عليه 7 و طالبوه
بالكفّ عنهم و كانوا في ذلك على أقسام.
فمنهم من دخلت
عليه الشّبهة برفع المصاحف و اعتقدوا أنّهم لم يرفعوها خديعة و حيلة بل حقا و عملا
بموجب الكتاب و تسليما للدّين الحقّ فرأى أنّ الاستسلام للحجّة أولى من الاصرار
على الحرب.
و منهم من قد
كان ملّ من الحرب بطول المدّة، فلمّا رأى شبهة ما يسوغ التعلّق بها فى رفض
المحاربة و حبّ العافية أخلد إليها.
و منهم من
كان يبغض أمير المؤمنين 7 بالباطن و يطيعه بالظاهر كما يطيع كثير من
النّاس السلطان ظاهرا أو يبغضه باطنا فلمّا وجد طريقا إلى خذلانه و ترك نصرته أسرع
إليها.
فاجتمع جمهور
عسكره إليه 7 و طالبوه الكفّ فامتنع امتناع عالم بالمكيدة و عرّفهم
أنّها خدعة و حيلة و قال لهم: إنّى أعرف بالقوم منكم و أعلم أنّهم ليسوا بأهل دين
و لا قرآن فلا تغترّوا برفعهم للمصاحف و انهدوا إليهم و لم يبق منهم إلّا آخر
نفسهم، فأبوا عليه و لجّوا و أصرّوا على القعود و الخذلان و طلبوا أن ينفذ إلى
الأشتر و ساير المحاربين أن يكفّوا عن الحرب و يرجعوا.
فأرسل إلى
الأشتر و أمره بالرّجوع، فقال الأشتر: و كيف أرجع و قد لاحت