قوله و ما حفظ من كلام يقتضي فساد
العقيدة شيئا كثيرا ليس هنا موضع ذكره فأذكره و قال لي مرّة: حاش للّه أن يثبت
معاوية في جريدة الشيخين الفاضلين أبي بكر و عمر و اللّه ما هما إلّا كالذّهب
الابريز و لا معاوية إلّا كالدّرهم الزايف أو قال كالدّرهم القمي.
ثمّ قال لى:
فما يقول أصحابكم فيهما؟
قلت: أما
الذى استقرّ عليه رأى المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم فى التفضيل و غيره إنّ
عليا 7 أفضل الجماعة و إنّهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها و إنه لم يكن
هناك نصّ قاطع العذر و إنما كانت إشارة و ايماء لا يتضمّن شيء منها صريح النصّ و
إنّ عليا نازع ثمّ بايع، و جمح ثمّ اسحب، و لو قام على الامتناع لم نقل بصحّة
البيعة له و لا بلزومها، و لو جرّد السيف كما جرّده في آخر الأمر لقلنا بفسق كلّ
من خالفه على الاطلاق إنه فاسق كافر و لكن رضي بالبيعة أخيرا و دخل فى الطاعة، و
بالجملة أصحابنا يقولون: إنّ الأمر كان له و كان هو المستحقّ و المتعيّن فان شاء
أخذه بنفسه و إن شاء ولّاه غيره فلما رأيناه قد وافق على ولاية غيره اتبعناه و
رضيناه.
فقال: قد بقي
بيني و بينكم قليل أنا أذهب إلى النصّ و أنتم لا تذهبون إليه؟
فقلت: إنه لم
يثبت النصّ عندنا بطريق يوجب العلم، و ما تذكرونه أنتم صريحا فانتم تنفردون بنقله،
و ما عدا ذلك من الأخبار التي نشارككم فيها فلها تأويلات معلومة.
فقال و هو
ضجر: يا فلان لو فتحنا باب التأويلات لجاز أن نتأوّل قولنا لا إله إلّا اللّه
محمّد رسول اللّه، دعني من التأويلات الباردة التي تعلم القلوب و النفوس أنها غير
مرادة و أنّ المتكلّمين تكلّفوها و تعسّفوها، فانما أنا و أنت فى الدّار و لا ثالث
لنا فيستحيى أحدنا من صاحبه أو يخافه.
قال الشارح:
فلما بلغنا إلى هذا الموضع دخل قوم ممن كان يخشاه، فتركنا ذلك الاسلوب من الحديث و
خضنا في غيره، انتهى.