فكما يطلب خلاص نفسه لو كان هذا الغريق
كذلك يطلب تخليص من هو في تلك الحال الصّعبة للمشاركة الجنسيّة.
و كذلك لو
أنّ ملكا ظلم أهل بلد من بلاده ظلما عنيفا لكان أهل ذلك البلد يتعصّب بعضهم لبعض
في الانتصار من ذلك الملك و الاستعداء عليه.
فلو كان من
جملتهم رجل عظيم القدر جليل الشّأن قد ظلمه الملك أكثر من ظلمه إيّاهم و أخذ
أمواله و ضياعه و قتل أولاده و أهله كان لياذهم به و انضوائهم إليه و اجتماعهم و
التفافهم به أعظم و أعظم، لأنّ الطّبيعة البشريّة تدعو إلى ذلك على سبيل الايجاب و
الاضطرار و لا يستطيع الانسان منه امتناعا.
قال الشّارح:
هذا محصول قول النقيب أبي جعفر قد حكيته و الألفاظ لي و المعنى له، و كان لا يعتقد
في الصّحابة ما يعتقده أكثر الاماميّة فيهم و يسفّه رأى من يذهب فيهم إلى النّفاق
و التّكفير، و كان يقول: حكمهم حكم مسلم مؤمن عصى في بعض الافعال فحكمه إلى اللّه
إن شاء أخذه و إن شاء غفر له قلت له مرّة: أ فتقول إنّهما من أهل الجنّة؟
فقال: إى و
اللّه أعتقد ذلك لأنّهما إمّا أن يعفو اللّه عنهما ابتداء أو بشفاعة الرّسول 6 أو بشفاعة علىّ أو يؤاخذهم بعقاب أو عتاب ثمّ ينقلهما إلى
الجنة لا استريب في ذلك أصلا و لا أشكّ في ايمانهما برسول اللّه 6 و صحّة عقيدتهما فقلت له: فعثمان؟
قال: و كذلك
عثمان ثمّ قال: رحم اللّه عثمان و هل كان إلّا واحدا منّا و غصنا من شجرة عبد
مناف، و لكن أهله كدروه علينا و أوقعوا العداوة و البغضاء بينه و بيننا قلت له:
فيلزم ذلك على ما تراه في أمر هؤلاء أن يجوز دخول معاوية الجنّة لأنه لم تكن منه
إلّا المخالفة و ترك امتثال أمر النبويّ.
فقال: كلّا
إنّ معاوية من أهل النار لا لمخالفته عليا و لا بمحاربته ايّاه، و لكن عقيدته لم
تكن صحيحة و لا ايمانه حقا كان من رءوس المنافقين هو و أبوه، و لم يسلم قلبه قطّ و
إنما أسلم لسانه، و كان يذكر من حديث معاوية و من فلتات