و فيه بسنده عن ميسر بن عبد العزيز عن
أبي عبد اللّه 7 قال: قال لي: يا ميسر ادع و لا تقل إنّ الأمر قد فرغ
منه، إنّ عند اللّه عزّ و جلّ منزلة لا تنال إلّا بمسألة، و لو أنّ عبدا سدّفاه و
لم يسأل لم يعط شيئا فاسأل تعط، يا ميسر إنه ليس من باب يقرع إلّا يوشك أن يفتح
لصاحبه.
(و) يعلم (معاصى
العباد في الخلوات) بمقتضى عموم علمه بالسرّ و الخفيّات و ما تحت الثرى و فوق
الأرضين و السّماوات، و فيه تحذير للسامعين عن ارتكاب الخطيئات و حثّ لهم عن
الازعاج من السيئات و تخصيصها بها لكون الخلوة مظنّة الوقوع في المعصية بعدم وجود
الرّادع و الحاجز.
(و اختلاف
النينان في البحار الغامرات) أى تردّدها فيها و سبحها في البحر صعودا و
هبوطا طولا و عرضا (و تلاطم الماء بالرّياح العاصفات) أى اضطراب ماء
البحار و تراكم أمواجها بالرّياح الشّديدة الهبوب، ثمّ عقّب بالشهادة بالرّسالة
فقال:
(و أشهد
أنّ محمّدا 6 نجيب اللّه) أى الكريم الحسيب
أفضل الناس حسبا و نسبا شرّفه اللّه تعالى بهذا الوصف الشامخ و اختاره به من خلقه.
(و سفير
وحيه و رسول رحمته) كما قال عزّ من قائل وَ ما
أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ أى نعمة عليهم لأنّ
ما بعث به سبب لصلاح معاشهم و معادهم موجب للسّعادة الدائمة و كونه رحمة للكفّار
أمنهم به من الخسف و المسخ و عذاب الاستيصال قال في مجمع البيان: قال ابن عباس:
رحمة للبرّ و الفاجر و المؤمن و الكافر فهو رحمة للمؤمن في الدنيا و الاخرة و رحمة
للكافر بأن عوفى ممّا أصاب الامم من الخسف و المسخ.
قال: و روي
أنّ النّبي 6 قال لجبرئيل 7 لما نزلت هذه
الاية: هل أصابك من هذه الرّحمة شيء؟ قال: نعم إنّى كنت أخشى عاقبة الأمر فامنت
بك لما أثنى اللّه علىّ بقوله ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ و قيل: إنّ
الوجه في أنّه نعمة على الكافر أنّه عرّضه للايمان و الثّواب الدائم و هداه و إن
لم يهتد كمن قدّم