و فى البحار من المجلّد الثاني من صحيح
مسلم فقال: إنّ رسول اللّه 6 يهجر.
و أما ما
اعتذر به الشارح عن مثالبه بأنه ليس بقبيح أن يكون سؤال هذا الرّجل على سبيل
الاسترشاد و التماسا لطمأنينة النفس.
ففيه أنه لو
كان غرضه الاسترشاد دون الاعتراض لا كتفى بما سمعه من النبىّ 6 له و أمسك عن فضول كلامه و لم يغضبه 6 حتى يشكو
إلى أبى بكر، فعلم بذلك أنه أراد التعريض و الاعتراض كما علم عدم جواز قياس سؤاله
بسؤال الخليل 7 الذى كان غرضه منه الطمأنينة كما صرّح به بقوله: بلى و
لكن ليطمئنّ قلبى، و ستعرف مزيد توضيحه بما نحكيه من البحار فى التنبيه الاتى.
و أما سؤال
ساير الصّحابة عنه 6 في الامور و قولهم له: أ هذا من اللّه أو
منك.
ففيه أنّ
سؤالهم ذلك أيضا كان ناشيا عن جهالتهم، لأنّهم لو كانوا معتقدين بما أنزل اللّه في
حقّه من قوله: و ما ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحى يوحى، و مذعنين بأنّ جميع ما
يقوله و يفعله بوحى من اللّه سبحانه و اذن منه عزّ و جلّ، لم يكن لهم حاجة إلى
السّؤال، و لسلّموا في جميع أفعاله و أقواله تسليما.
و أما
التّمثيل على نفى الشّكّ عن عمر بقوله تعالى وَ لَوْ لا أَنْ
ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.
ففيه أنّ
النّبي 6 قد قامت الأدلّة القاطعة من العقل و النقل على عصمته
و على رسوخه في الدّين، و الاية و إن كان الخطاب فيها ظاهرا متوجها إلى النّبي
6 إلّا أنّ المراد بها امّته من قبيل ايّاك أعنى و
اسمعى يا جاره.
و على إبقائه
على ظاهره فالمراد بتثبيته 6، هو تثبيته بالنّبوة و العصمة و
الألطاف الخفيّة الالهيّة، لما قد دللنا على أنه كان معصوما، و أمّا عمر فأىّ دليل
على أنّه لم يكن شاكا في الدّين حتّى يقال إنّ قول أبي بكر له: فو اللّه إنه لرسول
اللّه، لم يكن لأجل الشكّ بل لتثبيته على عقيدته، فافهم جيّدا.