قال: و قد كانت وقعت من هذا القائل أمور
دون هذا القصة، كقوله: دعنى أضرب عنق أبي سفيان، و قوله: دعنى أضرب عنق عبد اللّه
ابن أبيّ، و قوله: دعنى أضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة، و نهي النّبي 6 عن التّسرع إلى ذلك و جذبه ثوب رسول اللّه 6 حين
قام على جنازة ابن سلول يصلّى و قوله: تستغفر لرأس المنافقين.
و ليس في ذلك
جميعه ما يدلّ على وقوع القبيح منه و إنّما كان الرّجل مطبوعا على الشدّة و
الشّراسة و الخشونة و كان يقول ما يقول على مقتضى السجيّة الّتي طبع عليها، و على
أيّ حال كان فلقد نال الاسلام بولايته و خلافته خيرا كثيرا، انتهى.
أقول: مراد الشارح
بهذا الرّجل الذى حكى عنه هذه الأباطيل هو عمر بن الخطاب، و إنّما ترك التّصريح
باسمه ملاحظة لجانبه، و لقد عكس في شرح قوله 7:
فصيّرها في
حوزة خشناء، من الخطبة الثالثة و قال هناك: قال عمر للنّبيّ 6 لم تقل لنا ستدخلونها فى ألفاظ نكره حكايتها حتّى شكاه النبي 6 إلى أبى بكر و حتى قال له أبو بكر: الزم بغرزه فو اللّه
إنه لرسول اللّه 6، انتهى.
فصرّح باسمه
و طوى عن تحصيل مقاله و فضول كلامه استكراها و استهجانا لما صدر منه من الرّدّ و
المخالفة و إساءة الأدب على رسول اللّه 6 و استحياء منه 7.
و لكن غير
خفىّ على المنصف البعيد عن العصبيّة و الهوى أنّ شناعة ما صدر من هذا الرّجل لا
يمكن أن يتدارك بالستر و الكتمان و الابهام عن اسمه تارة و الاجمال عن هذيانه اخرى،
و نعم ما قيل:
و لن يصلح العطار ما أفسد الدّهر
فلقد صدر منه
من القول الشنيع القبيح ما هو أشدّ و أعظم من ذلك، و هو ما قاله لرسول اللّه 6 فى مرضه الذى مات فيه لما قال 6: ائتونى
بكتف و دواة اكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده أبدا، فقال عمر: إنّ الرّجل ليهجر.