إلى ما يخالفه كما هو شأن قضاة السوء و
امراء الجور و وظيفة أهل الهوى و العصبيّة.
(يعترف
بالحقّ قبل أن يشهد عليه) لأنّ مسيس الحاجة إلى الاشهاد إنّما يكون في
صورة الانكار و إنكار الحق كذب صريح مناف للتّقوى و العدالة.
(لا يضيّع
ما استحفظ) أى لا يضيّع ما أمر اللّه بمحافظته من الصلوات الخمس و نحوها من
الطاعات قال سبحانه حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و قال أيضا وَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ
يُحافِظُونَ و بشّر الحافظين لها في سورة المؤمنين بقوله وَ الَّذِينَ هُمْ
عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ
الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ و في سورة المعارج بقوله وَ
الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ.
و المراد
بمحافظتها محافظة أوقاتها و حدودها و مراعات آدابها و شرايطها و المداومة عليها، و
ضدّ المحافظة التّهاون و الأوّل من جنود العقل، و الثاني من جنود الجهل كما في
حديث الكافي، و المراد بالتضييع هنا الأعمّ من الترك و التهاون و الاخلال بالحدود
الموظفة.
(و لا ينسى
ما ذكر) التذكّر و النّسيان أمران متقابلان، و الأول من جنود العقل و
الثّاني من جنود الجهل.
و توضيح
معناهما حسبما أوضحه بعض المحقّقين أنّ الادراك فينا عبارة عن حصول الصّورة
العقليّة أو الحسّية في قوّة من قوانا، و تلك القوّة هى المسمّاة بالمدركة، و
الحفظ عبارة عن وجود تلك الصّورة في قوّة اخرى فوقها هى المسمّاة بالخزانة و
الحافظة، و التّذكّر عبارة عن استحضار تلك الصّورة مرّة اخرى من الحافظة بعد
اختزانها فيها، و النّسيان عبارة عن زوالها عن المدركة و الحافظة بما هى حافظة
جميعا، و السّهو عبارة عن زوالها من المدركة فقط لا من الحافظة.
إذا عرفت ذلك
فأقول: إنّ المراد بقوله لا ينسى ما ذكر أنّه لا ينسى
المتّقى ما ذكره اللّه سبحانه بايات كتابه الكريم من الفرائض و الأحكام و العبر و
الأمثال و غيرها ممّا فيه تذكرة و ذكرى لاولى الألباب، بل يعمل بها و يداوم على
ملاحظتها