و بهما فسّر قوله «انّه هو البرّ
الرّحيم» و كثيرا ما يخصّ الأبرار بالأولياء و الزّهاد و العبّاد و به فسّر قوله
تعالى إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ^ أى
الأولياء المطيعون في الدّنيا و قال في مجمع البيان في تفسير قوله إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها
كافُوراً هو جمع البرّ المطيع للّه المحسن في أفعاله،
و قال الحسن: هم الّذين لا يؤذون الذّر و لا يرضون الشرّ و قيل: هم الذين يقضون
الحقوق اللازمة و النّافلة.
و اما التقوى
فالمراد به هنا الخوف، يعنى أنّهم خائفون من اللّه تعالى و تاركون جميع القبايح
البدنيّة و النفسانيّة.
و أشار إلى
كمال خوفهم بقوله (قد بريهم الخوف برى القداح) أى نحتهم مثل نحت
السّهام و صاروا مثلها في الدّقة و النحافة و إنّما يفعل الخوف ذلك لاشتغال
النّفس المدبّرة للبدن به عن النظر في صلاح البدن و وقوف القوّة الشّهويّة و
الغاذية عن أداء بدل ما يتحلّل.
و قد كان هذا
الوصف أعني كمال الخوف من اللّه سبحانه و نحول البدن من شدّته مأثورا عن عليّ بن
الحسين 8.
فقد روى
المفيد في الارشاد عن أبي جعفر 7 قال: كان عليّ بن الحسين 8 يصلّى في اليوم و اللّيلة ألف ركعة و كانت الرّيح تميله بمنزلة السّنبلة.
و فيه أيضا
عن عبد اللّه بن محمّد القرشي قال: كان عليّ بن الحسين 8 إذا توضّأ
يصفرّ لونه فيقول له أهله: ما هذا الّذي يغشاك؟ فيقول: أ تدرون لمن أتأهّب للقيام
بين يديه.
و فيه أيضا
عن سعيد بن كلثوم عن الصّادق 7 في حديث مدح فيه عليّ بن أبي طالب بما
هو أهله و أطراه إلى أن قال: و ما أشبهه من ولده و لا أهل بيته أحد أقرب شبها به
في لباسه و فقهه من عليّ بن الحسين 8، و لقد دخل ابنه أبو جعفر عليه
فاذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه قد اصفرّ لونه من السّهر و رمصت
عيناه من البكاء و دبرت جبهته و انخرم أنفه من السّجود و ورمت ساقاه و قدماه من