الحرص و الشره و هو يجمع غذاء سنين لو
عاش و لا يكون عمره أكثر من سنة.
و من عجايبه
اتخاذ القرية تحت الأرض و فيها منازل و دهاليز و غرف و طبقات معلقات تملاءها حبوبا
و ذخاير للشتاء، و منه ما يسمّى الذرّ الفارسي و هو من النمل بمنزلة الزنابير من
النحل، و منه أيضا ما يسمّى بنمل الأسد سمّى بذلك لأنّ مقدمه يشبه وجه الأسد و
مؤخره يشبه النمل.
و روى
البخارى و مسلم و أبو داود النسائى عن أبي هريرة عن النّبي 6 أنّه قال: نزل نبيّ من الأنبياء : تحت شجرة فلذعته، فأمر
بجهازه فاخرج من تحتها و أمر بها فاحرقت بالنار فأوحى اللّه تعالى إليه هلّا نملة
واحدة.
قال أبو عبد
اللّه الترمذي في نوادر الأصول: لم يعاتبه على تحريقها و إنما عاتبه بكونه أخذ
البريء بغير البريء، و هذا النّبي هو موسى بن عمران 7 و أنّه قال يا
ربّ تعذّب أهل قرية بمعاصيهم و فيهم الطايع، و كأنّه أحبّ أن يريه ذلك من عنده
فسلّط عليه الحرّ حتّى التجأ إلى شجرة مستروحا إلى ظلّها و عندها قرية نمل فغلبه
النوم فلما وجد لذّة النوم لذعته نملة فدلكهنّ بقدمه فأهلكهنّ و أحرق مسكنهنّ
فأراه تعالى الاية في ذلك عبرة لما لذعته نملة كيف اصيب الباقون بعقوبتها، يريد أن
ينبّهه على أنّ العقوبة من اللّه تعالى تعمّ الطايع و العاصي، فتصير رحمة و طهارة
و بركة على المطيع، و شرّا و نقمة و عدوانا على العاصي، و على هذا ليس في الحديث
ما يدلّ على كراهة و لا حظر في قتل النّمل، فانّ من أذاك حلّ لك دفعه عن نفسك و لا
أحد من خلق اللّه أعظم حرمة من المؤمن و قد أبيح لك دفعه بضرب أو قتل على ماله من
المقدار، فكيف بالهوام و الدّواب التي قد سخّرت للمؤمن و سلّط عليها.
قال الدميري:
و روى الطبراني و الدار قطني أنّه قال: لما كلّم اللّه موسى 7 كان يبصر
دبيب النملة على الصفاء في اللّيلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ.
قال: و روى
أنّ النملة التي خاطبت سليمان أهدت إليه نبقة[1]
فوضعها 7 في كفّه فقالت:
[1] النبقة بالنون المكسورة ثم الباء الساكنة حمل السدر ق،