لشمول رحمته و طريقا للوصول إلى جنّته
كما يشهد به الأخبار الواردة في فضل الحجّ، و قد مضى جملة منها في شرح الفصل
الثامن عشر من المختار الأوّل، هذا و لما نبّه 7 على وجه المصلحة في
بناء البيت بالأحجار و وضعه بأوعر البقاع و تكليف ولد آدم 7 بالحجّ
إليه على الكيفيّات الخاصّة المتضمنة للتواضع و التذلل و أشار إلى أنّ المصلحة في
ذلك هو التمحيص و الامتحان و الاستعداد بذلك لافاضة رحمة اللّه و الوصول إلى جنّته
و الاستحقاق لجزيل الجزاء و مز يد الثواب أراد بالتنبيه على أنّ وضعه بغير هذا
المكان من الأمكنة البهيجة المستحسنة كان موجبا لتصغير الجزاء و تقليل الثواب و هو
خلاف المصلحة فقال:
(و لو أراد
اللّه سبحانه أن يضع بيته الحرام و مشاعره العظام) أى مواضع المناسك
كنايه (بين جنّات و أنهار و سهل و قرار) من الأرض (جمّ
الأشجار دانى الثمار) دنوّها كناية عن كثرتها و سهولة تناولها كما قال سبحانه
في وصف الجنّة قُطُوفُها دانِيَةٌ (ملتفّ البنى) أى مشتبك العمارات (متّصل
القرى) بكثرتها (بين برّة سمراء) أى حنطة حسن اللّون (و روضة
خضراء) ذات الخضرة و النضارة (و أرياف محدقة) مشتملة على الحدائق
و البساتين (و عراص مغدقة) ذات الماء الكثير و المطر (و رياض
ناضرة و طرق عامرة) بكثرة المارة.
(لكان) جواب لو أى لو أراد
اللّه سبحانه أن يضع بيته بين هذه الأمكنة الحسنة ذات البهجة و النضارة
لكان قادرا عليه لكنه خلاف الوجه الأصلح لأنّه يلزم حينئذ أن يكون سبحانه (قد صغّر
قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء) لما قد مرّ من أنّ الاختبار و البلوى كلّما
كانت أعظم كانت المثوبة و الجزاء أجزل.
و لما نبّه
7 في الشرطية المتقدّمة على أنّ وضع البيت الحرام في غير هذا المكان
الذى هو فيه الان خلاف الحكمة و المصلحة اتبعها شرطيّة اخرى و نبّه 7
فيها على أنّ بناءه بغير هذه الأحجار المتعارفة التي بنى بها أيضا خلاف مقتضى
الحكمة و هو قوله:
(و لو كان
الأساس المحمول عليها) البيت (و الأحجار المرفوع بها بين