زمرّدة خضراء و ياقوتة حمراء و نور و
ضياء) أى لو كان بنائه بالأحجار المعدنية كالزمرّد و الياقوت و
الجواهر النفيسة المتلألاة النيّرة و المضيئة استعاره
(لخفّف ذلك مسارعة الشكّ في الصدور) أى سرعته، و في بعض النسخ
بالضاد المعجمة بمعنى المقاربة و في بعضها بالصاد المهملة بمعنى المغالبة.
قال الشارح
البحراني: و تلخيصه أنّه تعالى لو جعل الأساس المحمول عليها بيته الحرام من هذه
الأحجار المنيرة المضيئة لخفّف ذلك مسارعة الشّك في الصدور إذ يراد شكّ الخلق في
صدق الأنبياء و عدم صدقهم و شكّهم في أنّ البيت بيت اللّه أو ليس، فانه على تقدير
كون الأنبياء بالحال المشهور من الفقر و الذلّ و كون البيت الحرام من هذه الأحجار
المعتادة يقوّى الشك في كونهم رسلا من عند اللّه و في كون البيت بيتا له، و على
تقدير كونهم في الملك و العزّ و كون البيت من الأحجار النفيسة المذكورة ينتفي ذلك
الشكّ، إذ يكون ملكهم و نفاسة تلك الأحجار من الامور الجاذبة إليهم و الداعية إلى
محبّتهم و المسارعة إلى تصديقهم و الحكم بكون البيت بيت اللّه لمناسبة في كماله ما
ينسبه الأنبياء إلى اللّه سبحانه من الوصف بأكمل طرفى النقيض و لكون الخلق أميل
إلى المحسوس و استعار لفظ المسارعة للمغالبة بين الشك في صدق الأنبياء و الشك في
كذبهم فانّ كلّا منهما يترجّح على الاخر.
و بذلك أيضا
ظهر معنى قوله 7 (و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب) فانّ حجّ
البيت المبنى بالطوب و المدر و القيام بوظايفه و إقامة مناسكه مع ما فيه من المشاق
العظيمة و الرّياضات التي لا يكاد أن تتحمل عادة لا يتأتى إلّا مع جهاد النفس و مجاهدة
إبليس، بخلاف ما لو كان مبنيّا بالجواهر النفيسة الشريفة من الياقوت و الزمرّد و
الزبرجد و نحوها بين جنات و أنهار و أشجار في أرض سهل و قرار فانّ النفوس حينئذ
كانت تميل إليه و ترغب إلى رؤيته فلا تبقى إذا حاجة إلى مجاهدة نفسانية أو
شيطانية.
و يوضح ذلك
الحديث الّذي قدّمنا روايته عن الفقيه في شرح الفصل الثامن عشر من المختار الأول،
و نعيد روايته هنا من الكافي باقتضاء المقام، و مزيد ايضاحه