و وصف المنافخ بأنّها (اللّاتي خدع بها الامم الماضية)
كقوم نوح و هود و عاد و ثمود و فرعون و نمرود و غيرهم ممّن تكبّر و كذّب الرّسل
لما زيّن لهم الشيطان نخوتهم فخدعهم و أضلّهم عن السّبيل
(و القرون الخالية) عطف تفسير أي الامم الهالكة و الرؤساء
الخالية منهم الدّنيا، و على جعل القرن بمعنى الوقت فيحتاج إلى تقدير مضاف أى خدع
بها أهل الأزمنة التي خلت منهم، و على الأوّل فالصّفة بحال متعلّق الموصوف، و على
الثاني فهى بحال الموصوف نفسه.
و قوله (حتّى
اعنقوا في حنادس جهالته و مهاوى ضلالته) غاية لخداع الشيطان أى انتهى خداعه
للامم السابقة إلى أن أسرعوا في ظلمات جهالته التي لا يهتدون فيها، و مهاوى ضلالته
الّتى يردوا فيها و لم يقدروا على الخروج منها (ذللا عن سياقه
سلسا فى قياده) أى حالكونهم ذليلين لسوقه سهل الانقياد لقوده (أمرا) أى إلى أمر[1] أى جبريّة و تكبّر (تشابهت
القلوب فيه) أى صار قلوبهم كلّ منها شبيها بالاخر فى قبوله (و تتابعت
القرون عليه) أى تتابعت على التسليم و الانقياد له (و كبرا) أى إلى كبر (تضايقت
الصّدور به) و لم تسع لا خفائه و كتمانه من جهة كثرته و شدّته.
و لمّا شاهد
7 أنّ عمدة منشأ تكبّرهم و تعصّبهم هو اتّباع الرّؤساء حذّرهم عن
متابعتهم بقوله (ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم و كبرائكم) و التكرير
لتأكيد التحذير و أن لا يكونوا مثل الكافرين الذين يوم تقلب وجوههم فى النّار
يقولون يا ليتنا أطعنا اللّه و أطعنا الرّسولا، و قالوا ربّنا إنا أطعنا سادتنا و
كبرائنا فأضلّونا، السبيلا، ربّنا آتهم ضعفين من العذاب و العنهم لعنا كبيرا، أى
أطعنا قادة الكفر و أئمة الضّلال.
قال
الطبرسيّ: و السيّد المالك المعظم الذى يملك تدبير السواد الأعظم و هو جمع الأكثر
أى أطعنا هؤلاء فأضلّونا عن سبيل الحقّ و طريق الرشاد بنا، ربّنا آتهم ضعفين من
العذاب لضلالتهم في نفوسهم و إضلالهم إيّانا، و العنهم لعنا كبيرا مرّة بعد