سجدتهم و إباء إبليس عنها و ساير ما
يتعلّق بهذا العنوان فى شرح الفصل الحادى عشر من المختار الأوّل فليتذكّر، و أشار
إلى علّة امتناع إبليس من السجدة بقوله:
(اعترضته
الحميّة) و العصبيّة و الانيّة (فافتخر على آدم بخلقه و تعصّب عليه لأصله) أى تعزّز بخلقة النار و
استوهن خلق الصلصال فقال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ
طِينٍ^ ءَ أَسْجُدُ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ
حَمَإٍ مَسْنُونٍ.
و فى الحقيقة
استفهامه ذلك كان اعتراضا على اللّه عزّ و جلّ و إنكارا عليه بأنه كيف يسوغ له أن
يأمر الأشرف بتعظيم الأدنى و يرجّح المخلوق من الطين على المخلوق من النّار.
و قد غلط
الملعون فى اعتراضه و أخطأ في قياسه، حيث قصر نظره بما للنار من النور و لم يمعن
النظر فيما لادم من النور الذى يضحى عنده كلّ نور و هو نور الأشباح الخمسة الذى
كان آدم وعاء له و كان أمر الملائكة بالسّجود لأجله، و قد بيّنا فساد قياس الملعون
في شرح الفصل الحادى عشر من المختار الأوّل بوجوه عديدة (فعدوّ اللّه) إبليس (امام
المتعصّبين) و مقتديهم حيث إنّه أوّل من أسّس أساس العصبية (و سلف
المستكبرين) و مقدمهم لأنه أوّل من بنا بنيان الاستكبار و النخوة و اليه أشار
بقوله:
(الذى وضع
أساس العصبيّة و نازع اللّه رداء الجبريّة) جعل استكباره و ادّعاءه لما ليس له و
انتحاله للصفة الخاصة باللّه سبحانه و هو صفة الكبرياء و الجبروت بمنزلة منازعته
إياه سبحانه، فتجوّز بلفظ المنازعة عن ذلك.
و بعبارة
أوضح كما أنّ من نازع لاخر في شيء يريد أن يجذب باب النزاع إلى نفسه و يستأثر به،
فكذلك ذلك الملعون لتكبّره صار بمنزلة المنازع للّه المريد للاستيثار بصفة
الكبرياء.
(و ادّرع
لباس التعزّز) و التجبّر الذى هو وظيفة الرّبوبيّة (و خلع قناع
التذلّل) و التواضع الذى هو وظيفة العبوديّة.