يستحقّهما غيره، و أما في المخلوق فهو
عزّ ناقص و عظمة ناقصة فقول اخوة يوسف «يا ايها العزيز» أرادوا أنّه عزيز مصر،
فالعزّ المطلق للّه الواحد القهار المتكبّر العزيز الجبّار[1]
و له الكبرياء في السموات و الأرض و هو العزيز الحكيم.
فقد علم بذلك
أنّ العزّ المطلق الكامل و الكبرياء أى السلطان القاهر للّه سبحانه و من الصّفات
المخصوصة به تعالى، فلا يجوز لغيره أن يتعزّز و يتكبّر و يدّعى العزّ و
الكبرياء لنفسه.
و الى هذا
ينظر ما في الحديث القدسى قال أبو هريرة: قال رسول اللّه 6
يقول اللّه تبارك و تعالى: الكبرياء ردائى و العظمة ازارى فمن نازعنى واحدا منهما
ألقيته فى جهنّم و لا ابالى.
و في رواية
أبي عبد اللّه 7 قال: قال أبو جعفر 7: العزّ رداء اللّه و
الكبرياء ازاره فمن تناوله شيئا منه أكبّه اللّه في جهنّم، هذا.
و قد تقدّم
تفصيل الكلام في بيان حقيقة الكبر و الأدلّة الواردة فى ذمّها و مفاسدها بما لا
مزيد عليه في شرح المختار المأة و السابع و الأربعين.
تشبيه (و جعلهما
حمى و حرما على غيره) تشبيههما بهما باعتبار أنّ الحمى كما يحمى من أن يتصرّف
فيه الغير و يحفظ من أن يحام حوله، و لو دخله الغير كان مسؤلا مؤاخذا، فكذلك هذان
الوصفان مخصوصان به سبحانه ليس لأحد أن يحوم حولهما و يدّعيهما لنفسه و لو
ادّعاهما كان معاقبا مدحورا.
(و
اصطفاهما لجلاله) أى لتقدّسه و علوّه عن شبه مخلوقاته (و جعل اللعنة على
من نازعه فيهما من عباده) أى جعل الطرد و الابعاد عن الرّحمة و الدخول
فى النار و العذاب على المتكبّرين المتعزّزين المجادلين للّه سبحانه فى عزّه و
سلطانه قال أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ و قال
فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى
الْمُتَكَبِّرِينَ استعاره تبعية (ثمّ اختبر بذلك ملائكته المقرّبين) أى اختبر هم بالتكبّر
و عدمه، أى