قلت: اللّه و رسوله أعلم، قال: ألّا
يعذّبهم أو قال ألّا يدخلهم النار.
حسن المقابلة (و أن
تستعينوا عليها باللّه و تستعينوا بها على اللّه) لا يخفي ما في هذه
القرينة من حسن المقابلة، و المراد بالاستعانة عليها باللّه أن يطلب منه سبحانه
التوفيق و الاعانة على تحمل مشاقّ التكاليف الشرعيّة، و بالاستعانة بها على
اللّه الاستعداد بها على الوصول الى قرب الحق و جواره و ساحل عزّته و
جلاله.
وضع المظهر
موضع المضمر (فانّ التقوى في اليوم الحرز و الجنّة) لم يقل فانها بل وضع
المظهر موضع المضمر لزيادة التمكين في ذهن السامع كما في قوله: قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ أو ايهام الاستلذاذ بذكره كما في قوله:
ليلاى منكنّ أم ليلا من البشر
.
يعني أنها في
دار الدّنيا حرز حريز و حصن حصين يمنع المتحرّز بها و المتحصّن فيها من شرّ
الأعداء كما قال تعالى إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ
كَيْدُهُمْ شَيْئاً و هي جنّة و ترس يبقي المستتر بها من شدائد الدّنيا كما
قال سبحانه وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.
(و في غد
الطريق إلى الجنّة) أى في يوم القيامة طريق إلى الجنّة و الخلود
فيها كما قال عزّ و جلّ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ.
(مسلكها
واضح) جلي و هي جادّة الشريعة و أيّ مسلك أوضح منها (و سالكها رابح) ملّى لأنّه يسلك
بها الجنّة و أىّ سفر أربح منها تشبيه (و مستودعها حافظ) لما كان
التقوى زادا للاخرة شبّهها بالوديعة المودعة عند اللّه سبحانه و جعله تعالى بمنزلة
المستودع، أى قابل الوديعة، و المراد أنّ مستودع التقوى و هو اللّه سبحانه حافظ لهذه
الوديعة الّتي هو زاد الاخرة من التلف و الضّياع كما قال تعالى إِنَّا لا
نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.
و يجوز أن
يراد بالمستودع الملائكة الحفظة الّتي هي وسايط بين الخلق و بين اللّه، فانهم لما
كانوا مأمورين بكتابة أعمال العباد و حفظها و ضبطها كما قال تعالى وَ إِنَّ
عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ شبّههم
بالمستودع أى المستحفظ الّذي يطلب منه حفظ الوديعة.