أقول: محصله أنّه سبحانه لم يخطىء في
شيء من خلقه فيصيبه و يصلحه أى يجبر خطائه بالصواب و فساده بالصّلاح، و يحتمل أن
يكون الاصابة بمعنى المصادفة و الوصول إلى الشيء.
(و لا حضرة
ملاء) أى لم يكن خلقه للأشياء بحضور جماعة من العقلاء و أصحاب الرأى بحيث
يشير كلّ منهم عليه برأيه و يعينه بقوله في كيفية خلقه كما هو المعروف في الصّناع
البشريّة إذا أرادوا صنعة شيء معظم يجتمعون مع أبناء نوعهم و يشاورونهم و
يستمدّون منهم فيشيرون عليهم و يعينونهم، لأنّ ذلك مستلزم للنقص و الافتقار و
الحاجة و هو سبحانه منزّه عنه.
و أيضا فانّ
الملاء من جملة مخلوقاته فكيف يتصوّر حضورهم في خلق أنفسهم قال سبحانه ما
أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما
كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً أى أعوانا و هذا كلّه تنزيه لفعله من
أن يكون مثل أفعال العباد محتاجا إلى معاونة الغير.
و لما حمد
اللّه سبحانه و أثنا عليه بما هو أهله اتبعه بالشهادة على رسالة رسوله 6 فقال:
(و أشهد
أنّ محمّدا عبده و رسوله ابتعثه) أى بعثه (و) الحال أنّ (النّاس) يوم بعثه (يضربون
في غمرة) أى يسيرون في الانهماك في الضّلال و الباطل لأنّهم يومئذ كما قال
7 في الفصل السادس عشر من المختار الأوّل: ملل متفرّقة و
أهواء منتشرة و طرائق متشتّتة بين مشبه للّه بخلقه أو ملحد في اسمه أو مشير به إلى
غيره.
أو أنهم
يسيرون في الشدّة و الزّحمة كما قال 7 في الفصل الأوّل من المختار
السّادس و العشرين: إنّ اللّه بعث محمدا 6 و
أنتم معشر العرب على شرّ دين و في شرّ دار منيخون بين حجارة خشن و حيات صمّ تشربون
الكدر و تأكلون الجشب و تسفكون دماءكم و تقطعون أرحامكم.
(و يموجون
في حيرة) أى يضطربون و يختلفون في حيرة و جهالة لكثرة الفتن
في أيام الفترة و زمان البعثة كما قال 7 في الفصل الثالث من المختار: و الناس