عظمته و مجده يطلب منه التوفيق و الامداد
لاقامة مراسم حقوقه المؤدّية إلى الرشاد في يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون، فعلم
من ذلك أنه سبحانه بماله من صفة العزّة و العظمة مبدء الاستعانة به على القيام
بوظايف التكاليف و لذلك عقّبه بذكر الوصفين و آثرهما على ساير أوصافه.
و لما كان
أعظم حقوقه الموظفة و أهمّها بالقيام به معرفة الرسول 6 و الاذعان برسالته اتبع ثنائه سبحانه بالشهادة برسالته قضاء لحقّه الأعظم و
فرضه الأهمّ فقال:
(و أشهد
أنّ محمّدا) 6 (عبده) المنتجب (و رسوله) المصطفى (دعا) عباده (إلى
طاعته) بالحكمة و الموعظة الحسنة (و قاهر أعداءه جهادا عن دينه) أى قهرهم و
غلبهم حالكونه مجاهدا لهم لأجل نصب قوائم الدّين و رفع دعائم الاسلام، أو جاهدهم
جهادا طردا لهم و ابعادا عن هدم أركان الدّين و إطفاء أنوار اليقين (لا يثنيه
من ذلك) أى لا يصرفه من الدعوة إلى الطاعة أو من جهاد الأعداء (اجتماع
على تكذيبه) مع قلّة ناصريه و كثرة معانديه استعاره تحقيقية مرشحة (و التماس
لاطفاء نوره) أى طلبهم لابطال ما جاء به من من عند الحق مع اهتمامهم به و جدّهم
فيه.
و استعار لفظ النور لما جاء به
من دين الحقّ و قرنه بالاطفاء الملائم للمستعار منه فهو استعارة تحقيقية مرشّحة، و
الجامع أنّ الدّين يهدى إلى الصّراط المستقيم و نضرة النعيم كما أنّ النور يهتدي
به في الغياهب و الظلمات إلى نهج الرشاد و منهج الصّلاح و السّداد.
و لما ذكر
الغرض الأصلى من البعثة و الرسالة و هو الدّعوة إلى الدّين و الطاعة و نبّه على
أنّ جهاد الكافرين قد كان لحماية الدّين أردف ذلك بأمر المؤمنين بحماية حماه و
المواظبة عليه اجابة لدعوة الرسول و قضاء لحقّ ما لهم من الايمان فقال:
(فاعتصموا
بتقوى اللّه) الّتي هي الزاد و بها المعاد، زاد رابح و معاد منجح و تقواه عبارة
عن طاعته و عبادته و خشيته و هيبته و هى عاصمة مانعة من عذاب النار و غضب الجبار،
و لذلك أمرهم بالاعتصام بها و علّله بقوله استعاره تحقيقية مرشحة (فانّ لها
حبلا وثيقا عروته) أى محكما مقبضه لا يخشى من انفصامه، و استعار لفظ الحبل لدين
الاسلام و هو