و افتتح كلامه بما هو أحقّ أن يفتتح به
كلّ كلام فقال: (أحمده شكرا لانعامه) أى
لأجل كونه تعالى منعما و كون النعم كلّها من عنده صغيرها و كبيرها و حقيرها و
خطيرها، فانّ الشكر عليها موجب للمزيد دافع للعذاب الشديد.
روى في
الصافي من العيون عن أمير المؤمنين 7 أنه سئل عن تفسير الحمد للّه فقال
إنّ اللّه عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل
لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال: قولوا: الحمد للّه على ما أنعم به علينا.
و قد مضى فصل
واف في تحقيق معنى الشكر و ما يتعلّق به في شرح الفصل الأوّل من الخطبة الثانية.
(و استعينه
على وظائف حقوقه) أى أطلب منه التوفيق و الاعانة على حقوقه الواجبة و المندوبة التي
وظيفتها علىّ و قدرها في حقّى من الصوم و الصلاة و الخمس و الزكاة و البرّ و
الصدقات و حجّ بيت اللّه و الجهاد في سبيل اللّه و نحوها من العبادات الموظفة و
الطاعات المقرّرة.
قال في تفسير
الامام عند تفسير سورة الحمد للّه و إياك نستعين على طاعتك و عبادتك و على دفع
شرور أعدائك و ردّ مكائدهم و المقام على ما أمرت.
و في
الاستعانة منه تعالى على وظائف حقوقه إشارة إلى أنّ
القيام بمراسم حقوقه و تكاليفه لا يمكن إلّا باعانته و توفيقه سبحانه.
و ذلك لأنّ
التكاليف الشرعية و الحقوق الالهية كلّها على كثرتها موقوفة على القدرة و
الاستطاعة البدنية و المالية، و العبد من حيث وصف الامكان فيه عاجز ضعيف في ذاته
لا يقدر على شيء أصلا إلّا باقدار اللّه سبحانه و إفاضة القوى الظاهرة و الباطنة
و الاعانة منه مالا و بدنا و هو مستلزم لاتّصافه تعالى بالقدرة و القوّة و العظمة
و الجلال و هو معنى قوله سبحانه يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ
إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ أى الغنىّ المستقلّ
في ذاته و الحميد المحمود في صفاته.
فهو القادر
القاهر (عزيز الجند) و مالك الملك (عظيم المجد) فباعتبار
قدرته و عزّة جنده يطلب منه الاعانة فى الجهاد، فانّ حزبه هم الغالبون، و باعتبار