و إلى هذا
المعني يلمح قوله 7 في الدّيوان المنسوب إليه:
جنبي تجافي عن الوساد
خوفا من الموت و المعاد
من جاف عن بكرة المنايا
لم يدر ما لذّة الرقاد
قد بلغ الزرع منتهاء
لا بدّ للزرع من حصاد
استفهام
توبيخى ثمّ استفهم عن غفلتهم على سبيل التوبيخ و التقريع، و قال:
(و كيف غفلتكم عما ليس يغفلكم و طمعكم فيمن
ليس يمهلكم) يعنى انكم إن غفلتم عنه بانسكم بالدّنيا و فرط محبّتكم لها و طمعكم
في بقائها، فهو ليس غافلا عنكم و لا تاركا ممهلا لكم البّتة، قال في الدّيوان
المنسوب إليه 7
يا مؤثر الدّنيا على دينه
و التّائه الحيران عن قصده
أصبحت ترجو الخلد فيها و قد
أبرز ناب الموت عن حدّه
هيهات إنّ الموت ذو أسهم
من يرمه يوما بها يرده
و يحتمل أن
يكون المراد بقوله: عما ليس يغفلكم، هو الموت و بقوله:
فيمن ليس
يمهلكم، هو ملك الموت، أى كيف غفلتكم عن الموت الّذى لا
يترككم غافلا عنكم، و طمعكم في ملك الموت الّذى لا يمهلكم، لكونه مأمورا بعدم
الانظار و الامهال.
و لأجل شدّة
الاعتبار و الاتّعاظ اتبعه بقوله (فكفى واعظا بموتا عاينتموهم) كيف انتقلوا
من ذروة القصور إلى خطّة القبور، و من العزّ و المنعة إلى الذّل و المحنة (حملوا
إلى قبورهم غير راكبين و انزلوا فيها غير نازلين).
لما كان المتعارف
في الركوب و النزول ما كان عن قصد و اختيار و شعور، و إرادة و على مثل الخيل و
البغال، و كان حمل الموتى على الاسرة و الجنائز و أعواد المنايا و انزالهم منها لا
عن شعور و إدراك، لا جرم نفي عنهم وصفي الرّكوب و النزول.
و بعبارة
اخرى الركوب و النّزول من الأفعال الاختياريّة للانسان فبعد الموت و انقطاع الحسّ
و الحياة و ارتفاع الادراك و الاختيار يكون مثل جماد محمول، فكمالا