و أمّا أهل الأرض فهم عند أكثرهم مجهولون
لاستيلاء الضّلال على أكثر السّتر «البشرظ» و غلبة الجهال يعني أنّ أكثر الناس لا
يعرفونهم و لا يعرفون قدرهم و منزلتهم، فلا ينافي معرفة الخواص لهم و إن كانوا
أيضا لا يعرفونهم حقّ معرفتهم، أو أراد به جهالة اسمائهم في وقت ايراد الكلام و
التخصيص فيه أقلّ من الاحتمال الأوّل كما لا يخفى.
ثمّ خاطب
7 أصحابه بذكر الملاحم و الفتن الحادثة في مستقبل الزّمان فقال (ألا
فتوقّعوا من إدبار اموركم و انقطاع وصلكم و استعمال صغاركم) أى تفرّق اموركم المنتظمة و انقطاع الاتصالات و
الانتظامات الحاصلة في أمر المعاش و المعاد من أجل تشتّت الاراء و اختلاف الأهواء
و تفرّق الكلمات، و تقديم الصّغار سنّا على المشايخ و أرباب التجارب في الأعمال و
الولايات، أو تقديم الأوغاد و الأراذل و الصّغار قدرا على الأشراف و الأكابر و ذوى
البيوتات، فانّ استعمال هؤلاء و توليتهم موجب لفساد النظام و اختلال الانتظام.
و قد قيل
لحكيم: ما بال انقراض دولة آل ساسان؟ قال: لأنهم استعملوا أصاغر العمال على أعاظم
الأعمال فلم يخرجوا من عهدتها، و استعملوا أعاظم العمال على أصاغر الأعمال فلم
يعتنوا عليها، فعاد وفاقهم إلى الشتات و نظامهم إلى البتات.
و لذلك كتب
7 للأشتر في عهده إليه حين استعمله على مصر حسبما يأتي من باب المختار
من كتبه 7 إنشاء اللّه تعالى:
ثمّ انظر في
أمور عمالك و توخّ منهم أهل التجربة و الحياء من أهل البيوتات الصالحة و القدم في
الاسلام المتقدّمة فانهم أكرم أخلاقا و أصحّ أغراضا و أقلّ في المطامع اشرافا و
أبلغ في عواقب الامور نظرا- إلى آخر ما يأتي في مقامه بتوفيق اللّه و عنايته.
(ذاك حيث
تكون ضربة السيف على المؤمن أهون من الدّرهم من حلّه) أى ذلك المذكور من
انقطاع الوصل و ادبار الامور حيثما يكون احتمال ضربة السيف على
المؤمن أقلّ مشقّة من احتمال مشقة اكتساب الدّرهم الحلال لأجل
اختلاط المكاسب