فلو رميت
ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها، لعزفت نفسك من بدايع ما أخرج إلى الدّنيا من
شهواتها و لذّاتها، و زخارف مناظرها و لذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار غيّبت عروقها
في كثبان المسك على سواحل أنهارها، في تعليق كبائس اللّؤلؤ الرّطب في عساليجها و
أفنانها، و طلوع تلك الثّمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلّف فتأتي على
منية مجتنيها، و يطاف على نزّالها في أفنية قصورها بالأعسال المصّفقة، و الخمور
المروّقة، قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتّى حلوّا دار القرار، و أمنوا نقلة
الأسفار، فلو شغلت قلبك أيّها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر
المونقة، لزهقت نفسك شوقا إليها، و لتحمّلت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور
استعجالا بها، جعلنا اللّه و إيّاكم ممّن سعى بقلبه إلى منازل الأبرار برحمته. قال
السيد (ره): قوله «كبائس اللّؤلؤ الرّطب» الكباسة العذق «و العساليج» الغصون
واحدها عسلوج. «ج 4»