فيه في شرح الفصل الخامس من المختار
الثالث فليتذكّر.
و بذلك ظهر
ما في قول الشّارح المعتزلي حيث قال: إنّ قوله 7 إن أسررتم آه ليس يدلّ
على أنّ الكتابة غير العلم، بل هما شيء واحد و لكنّ اللّفظ مختلف انتهى فتدبّر.
و عقّب قوله:
كتبه بقوله الاحتراس (قد وكل بكم حفظة كراما) من باب الاحتراس
فانه لما كان بظاهره متوهّما لكونه تعالى شأنه بنفسه كاتبا أتا بهذه الجملة دفعا
لذلك التوهّم، و تنبيها على أنّ الموكّل بذلك الملائكة الحافظون لأعمال العباد.
قال تعالى وَ إِنَّ
عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ و هم طائفتان ملائكة اليمين للحسنات و
ملائكة الشمال للسيئات قال عزّ و جلّ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ
الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ
رَقِيبٌ عَتِيدٌ هذا.
و في وصف
الحفظة بالكرام[1] و تعظيمهم
بالثناء تفخيم لما وكّلوا به و أنه عند اللّه تعالى من جلائل الامور حيث يستعمل
فيه هؤلاء الكرام، و فيه من التهويل من المعاصي ما لا يخفى.
و لهذه
النكتة أيضا وصفهم ثانيا بقوله (لا يسفطون حقّا و لا يثبتون باطلا) أى لا يسقط
من قلمهم ما هو ثابت له أو عليه، و لا يكتبون ما لا أصل له، و من المعلوم أنّ
المكلّف إذا التفت إلى ذلك و تنبّه على شدّة محافظة الحفظة عليه و على أنّهم لا
يتركون شيئا مما هو له أو عليه كان ذلك أقوى داعيا له على الازعاج عن المعاصي و
الاقلاع عن السيئات.
قال الصّادق
7: استعبدهم اللّه أى الكرام الكاتبين بذلك، و جعلهم شهودا على خلقه
ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعة اللّه مواظبة و عن معصيته
[1] و المستفاد من رواية علل الشرائع عن الصادق(
ع) أنّ الملائكة الحفظة غير الكرام البررة قال( ع) فى حديث المعراج انما سمّيت
سدرة المنتهى لأنّ أعمال أهل الأرض تصعد بها الملائكة الحفظة الى محلّ السدرة و
الحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفع إليهم من أعمال العباد