أشدّ انقباضا، و كم من عبد همّ بمعصيته
فذكر مكانهم فارعوى، و كيف فيقول ربّي يراني و حفظتي علىّ بذلك تشهد، هذا.
و لما امر
بالتقوى و أردفه بذكر ما يحذر من تركها عقّبه بذكر ما يرغب في الملازمة عليها
فقال (و اعلموا أنّ من يتّق اللّه يجعل له مخرجا من الفتن) الموجبة
للضلالة (و نورا من الظلم) أى من ظلمات الجهالة، و هو اقتباس من الاية
الشريفة في سورة الطلاق قال سبحانه: وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجاً وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ.
روى في
الصّافي عن القمّي عن الصّادق 7 قال: في دنياه، و من المجمع عن النبيّ
6 أنّه قرأها فقال: مخرجا من شبهات الدّنيا و من غمرات
الموت و شدايد يوم القيامة و عنه 7 إنّي لأعلم آية لو أخذ بها النّاس
كفتهم وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ^ الاية، فما زال يقولها و يعيدها.
(و يخلده
فيما اشتهت نفسه) و هو أيضا اقتباس من الاية في سورة الأنبياء قال تعالى وَ هُمْ
فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ
وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ.
(و ينزله
منزل الكرامة عنده) أى في منزل أهله معزّزون مكرّمون عنده سبحانه كنايه (في دار
اصطنعها لنفسه) أى اتّخذها صنعه و خالصته و اختصّها بكرامته كما قال سبحانه لموسى
بن عمران: وَ اصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي قيل: هو تمثيل لما
أعطاه اللّه من التقريب و التكريم.
قال الشارح
البحراني: و الدّار الّتي اصطنعها لنفسه كناية عن الجنّة و نسبها إلى نفسه تعظيما
لها و ترغيبا فيها، و ظاهر حسن تلك النسبة فانّ الجنّة المحسوسة أشرف دار رتّبت
لأشرف المخلوقات، و أما المعقولة فيعود إلى درجات الوصول و الاستغراق في المعارف
الالهيّة الّتي بها السعادة و البهجة و اللّذة التامّة، و هي جامع الاعتبار العقلي
لمنازل أولياء اللّه و خاصّته و مقامات ملائكته و رسله، و من المتعارف أنّ الملك
العظيم اذا صرف عنايته الى بناء دار يسكنها هو و خاصّته أن يقال انّه تختصّ