و عمي المخرج، حتّى اشتدّ الظلم و المحن
و البلوى، و بلغ الغاية القصوى كما قال عزّ من قائل
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ
تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ.
[1] إلى أن انتكث على
عثمان فتله، و اجهز عليه عمله، و كبت به بطنته، و قتل شرّ قتلة، فكان قتله عنوانا
للناكثين و القاسطين و المارقين، و انفتح على الأمة باب القتل و القتال و التخاصم
و الجدال إلى أن قام ابن أبي سفيان و آل حرب حزب الشيطان بالخلافة، و استقلّ
بالإمارة، فمنحه الدّنيا درّها، و أوردته صفوها، فتمادى في الظلم و الطغيان، و لم
يدع للّه محرّما إلّا استحله، و لا عقدا إلا حلّه، حتّى لم يبق بيت مدر و لا وبر
إلّا دخله ظلمه، و نبا به سوء رعيه، فقتل من المهاجر و الأنصار و ساير المسلمين
مأئة ألف أو يزيدون، و حذا حذوه ابنه اللعين، فقتل بالطفّ سبط سيد المرسلين و
أنصاره المظلومين، و تبعهم ساير بني امية و بني مروان الَّذِينَ
بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ
جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَ بِئْسَ الْقَرارُ.
[2] ثمّ إنه لما محض
النصح لعثمان و أراه وجه الصواب و السداد و دلّه على نهج الحقّ و الرّشاد و حذّره
من القتل، و كان مروان بن الحكم اللّعين طريد رسول ربّ العالمين أقوى الأسباب
الباعثة لنكيه عن طريق الحقّ إلى الباطل و الضلال، و لايقاعه في المعاطب و
المهالك. لا جرم نهاه عن اتّباعه و الرّجوع إليه و الأخذ برأيه و قال (فلا
تكوننّ سيّقة لمروان يسوقك حيث شاء بعد جلال السنّ) و كبره (و تقضّى
العمر) و فنائه.
(فقال له
عثمان كلّم الناس في أن يؤجّلوني) أى يمهلوني (حتّى أخرج اليهم
من مظالمهم) و أردّ ظلامتهم (فقال 7 ما كان بالمدينة فلا
أجل فيه و ما غاب
[1] في البحار عن الثعلبى فى قوله:\i فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ\E الاية نزلت فى بنى امية و بنى هاشم.
أقول: يعنى من بنى هاشم بنى العباس خاصة كما هو ظاهر. منه.
[2] فى البحار عن العياشى عن مسلم المنشوف عن علىّ بن أبي طالب(
ع) فى قوله تعالى\i وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ\E قال هما الأفجران
من قريش بنو امية و بنو المغيرة. منه.