فاقول: إنّ الصبر على ما عرفت فيما تقدّم
عبارة عن ملكة راسخة في النفس يقتدر معها على تحمّل المكاره و قد أكثر اللّه
سبحانه من مدحه في كتابه العزيز، و بشّر الصّابرين و ذكّرهم في آيات تنيف على
سبعين قال سبحانه: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ
بِغَيْرِ حِسابٍ، و قال:
وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا
لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، و قال: وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا
صَبَرُوا، و قال:
وَ
جَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً، إلى غير هذه مما لا
نطيل بذكرها.
و أما
الأخبار في فضله و فضل الصّابرين فهى فوق حدّ الاحصاء منها ما في الكافي عن العلاء
بن الفضيل عن أبي عبد اللّه 7 قال: الصّبر من الايمان بمنزلة الرأس من
الجسد فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصّبر ذهب الايمان.
و عن أبي
بصير قال: سمعت أبا عبد اللّه 7 يقول إنّ الحرّ حرّ على جميع أحواله إن
نابته نائبة صبر لها و إن تداكّت عليه المصائب لم يكسره و إن اسر و قهر و استبدل
باليسر عسرا كما كان يوسف الصديق الأمين 7 لم يضرره حريّته أن استعبد و
قهر و اسر و لم يضرره ظلمة الجبّ و وحشته و ما ناله أن منّ اللّه جلّ و عزّ عليه
فجعل الجبّار العاتي له عبدا بعد إذ كان مالكا فأرسله و رحم به اللّه و كذلك
الصّبر يعقّب خيرا فاصبروا و وطّنوا أنفسكم على الصّبر توجروا.
و عن حمزة بن
حمران عن أبي جعفر 7 قال: الجنّة محفوفة بالمكاره و الصّبر، فمن صبر
على المكاره في الدّنيا دخل الجنّة، و جهنّم محفوفة باللّذات و الشهوات فمن أعطى
نفسه لذّتها و شهوتها دخل النّار.
و عن سماعة
بن مهران عن أبي الحسن 7 قال: قال لي: ما حبسك عن الحجّ؟
قال: قلت:
جعلت فداك وقع علىّ دين كثير و ذهب مالي، و ديني الّذى قد لزمني هو أعظم من ذهاب
مالى فلولا أنّ رجلا من أصحابي أخرجني ما قدرت أن أخرج فقال 7: إن تصبر
تغتبط و إلّا تصبر ينفذ اللّه مقاديرها راضيا كنت أم كارها.
و عن أبي
حمزة الثمالي قال: قال لي أبو عبد اللّه 7 من ابتلى من المؤمنين ببلاء
فصبر عليه كان له مثل أجر ألف شهيد.
و عن محمّد
بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللّه 7 فشكى إليه رجل الحاجة