و الحزن و البكاء على ما فاته منها، و
قبض عنه من قيناتها و زخارفها.
و التشبيه
بحنين الأمة لأنّ الاماء كثيرا ما يضربن و يبكين و يسمع الحنين منهنّ و الحرائر
يأنفن من البكاء و الحنين (و استتمّوا نعمة اللّه عليكم بالصّبر على
طاعة اللّه) أى بالصبر و التحمّل على مشاقّ العبادات أو بالصبر على المصائب و
البلايا طاعة له سبحانه، و على أىّ حال فهو من الشكر الموجب للمزيد (و) به يطلب
تمام النعمة في الدنيا و الاخرة كما قال عز من قائل: إِنَّما يُوَفَّى
الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ كما يطلب تمامها ب (المحافظة
على ما استحفظكم من كتابه) أى بالمواظبة على ما طلب منكم حفظه و
المواظبة عليه من التكاليف الشرعيّة الواردة في كتابه العزيز لأنّ المواظبة على التكاليف
و الطاعات سبب عظيم لافاضة النعماء و الخيرات.
و أكّد الأمر
بالمحافظة بقوله (ألا و إنّه لا يضرّكم تضييع شيء من دنياكم بعد حفظكم قائمة
دينكم) لعلّ المراد بقائمة الدّين اصوله و ما يقرب
منها و على كون الاضافة بيانيّة فالمراد بقائمته نفس الدّين إذ به قوام أمر
الدّنيا و الاخرة.
ثمّ نبّه على
عدم المنفعة في الدّنيا مع فوات الدّين فقال: (ألا و إنّه لا
ينفعكم بعد تضييع دينكم شيء حافظتم عليه من أمر دنياكم) و ذلك واضح لأنّ
أمور الدّنياويّة مع تضييع الدّين لا تنتفع بشيء منها في الاخرة البتة.
و ختم الكلام
بالدّعاء لنفسه و لهم و قال: (أخذ اللّه بقلوبنا و قلوبكم إلى الحقّ) و هدانا إلى
سلوك سبيله (و ألهمنا و إيّاكم الصبر) على مصيبته و طاعته و معصيته لأنّ من
صبر عند المصيبة حتى يردّها بحسن عزائها كتب اللّه له ثلاثمأة درجة ما بين الدّرجة
الى الدّرجة كما بين السماء و الأرض، و من صبر على الطاعة كتب اللّه له ستمائة
درجة ما بين الدّرجة الى الدّرجة كما بين تخوم الأرض إلى العرش، و من صبر عن
المعصية كتب اللّه له تسعمائة درجة ما بين الدّرجة إلى الدّرجة كما بين تخوم الأرض
إلى منتهى العرش.
رواه في
الوسائل من الكافي عن أمير المؤمنين 7 عن النبيّ 6 و قد تقدّم روايته مع أخبار اخر في فضل الصبر في شرح الخطبة الخامسة و
السّبعين و وعدنا هناك إشباع الكلام فيه أى في الصبر و فضله و أقسامه فها نحن الان
نفي بما وعدناك بتوفيق من اللّه سبحانه و من منّه.