أما الجواب
فلأنّ اعتقاد إباحة ما علم حرمته من الدّين ضرورة كقتل المسلم عمدا و إن كان
مجوّزا للقتل البتّة إلّا أنّه 7 لم يعلّل جوازه بذلك، بل علّله
بالحضور على قتل المسلم و عدم الانكار، و هو أعمّ من اعتقاد الاباحة و عدمه، و قد
ظهر لك أنّ مجرّد ذلك كاف في جواز القتل من باب الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر
و لا حاجة إلى التقييد أو التخصيص بصورة الاعتقاد مع عدم الداعي اليهما و كونهما
خلاف الأصل.
و أما
الاعتراض فلأنّ ملخّص كلام المعترض أنّ خروج الناكثين و قتلهم للمسلمين إنّما نشاء
من زعمهم جواز ذلك و اعتقادهم حلّه لشبهة سنحت لهم و ان كان زعما فاسدا و اعتقادا
كاسدا.
و فيه أوّلا
منع كون خروجهم عن وجه الشبهة و التأويل و انما كان خروج خوارج النهروان بالتأويل
و زعمهم الباطل حقّا و لذلك قال 7 في الكلام السّتين «لا
تقتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه» و ثانيا هب
أنّ خروجهم كان بالتأويل و شبهة مطالبة دم عثمان ظاهرا و أمّا قتلهم للمسلمين فأىّ
تأويل يتصوّر فيه مع أنّ المقتولين لم يكونوا قاتلي عثمان و لا من الحاضرين لقتله
و لا ناصرين لقاتليه، و لم يقع بعد حرب الجمل عند قتلهم طائفة صبرا و طائفة غدرا
فلم يكن قتلهم لهؤلاء إلّا عن محض البغى و العدوان و التعدّي و الطغيان، و
متعمّدين فيه، فجاز قتلهم لذلك كما يجوز قتل معتقد حلّ الخمر و الزّنا.
اللّهمّ إلّا
أن يقال: إنّ التأويل المتصوّر في قتلهم هو أنّهم لما زعموا أنّ أمير المؤمنين
7 بحمايته عن قتلة عثمان خلافته خلافة باطلة و إمامته إمامة جور و بيعة
إمام الجور و متابعته باطلة لا جرم زعموا إباحة قتل خزّان بيت المال و من حذا
حذوهم باعتبار كونهم من مبايعيه و متابعيه، مستحفظين لبيت المال لأجله 7 و حفظ بيت المال لأجل الامام الجائر إعانة الاثم على زعمهم الباطل فافهم
جدّا.