و بعد الغضّ عن جميع ذلك أقول: إنّ
التأويل إذا كان معلوم الفساد حسبما اعترف به الشارح نفسه لم يبق موقع للتأمّل في
جواز القتل، و لذلك أمر سبحانه بقتلهم و قتالهم مطلقا في قوله: وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي
حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ.
و قال القطب
الرّاوندي إن حلّ قتلهم لدخولهم في عموم قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ
الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً
أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا الاية.
و اعترض عليه
الشارح المعتزلي بأنّه 7 علّل استحلال قتلهم بأنّهم لم ينكروا المنكر و
لم يعلّل بعموم الاية.
و أورد عليه
الشارح البحراني بأنّ له أن يقول إنّ قتل المسلم الذى لا ذنب له عمدا إذا صدر من
بعض الجيش و لم ينكر الباقون مع تمكّنهم و حضورهم كان ذلك قرينة دالّة على الرضا
من جميعهم و الراضى بالقتل شريك القاتل خصوصا إذا كان معروفا بصحبته و الاتّحاد به
كاتّحاد بعض الجيش ببعض فكان خروج ذلك الجيش على الامام العادل محاربة للّه و
رسوله، و قتلهم لعامله و خزّان بيت مال المسلمين و تفريق كلمة أهل المصر و فساد
نظامهم سعى في الأرض بالفساد و ذلك عين مقتضى الاية.
أقول: أمّا
ما قاله الراوندى فلا غبار عليه و أمّا اعتراض الشارح المعتزلي فلا وجه له لأنّه
7 و إن علّل استحلال القتل بالحضور و عدم الانكار و لم يعلّله لعموم
الاية إلّا أنّ مال العلّتين واحد، و مقصود الراوندي التنبيه على أنّ مرجع العلّة
المذكورة في كلامه إلى عموم الاية ففي الحقيقة التعليل بتلك العلّة تعليل بذلك
العموم.
و هذا مما لا
ريب فيه لظهور أنّ قتل خزّان بيت المال و إتلاف ما فيه من الأموال لم يكن إلّا من
أجل نصبهم العداوة لأمير المؤمنين 7 و كونهم في مقام المحاربة معه،
فيدخلون في عموم الاية.
لأنّ المراد
بمحاربة اللّه و رسوله فيها هو محاربة المسلمين، جعل محاربتهم