و الأرضية محجوبون عمّا ورائها و ذلك
لقصور ذاتهم و قصور قوّتهم المدركة و أمّا الربّ تعالى فلكمال ذاته فله العلم بكلّ
ما سواء كما قد عرفت في شرح الفصل السّادس و الفصل السّابع من الخطبة الاولى و في
شرح الخطبة التاسعة و الأربعين و غيرهما.
و أقول هنا
مضافا إلى ما سبق روى في الكافي عن ابن اذينة عن أبي عبد اللّه 7 ما
يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ
سادِسُهُمْ فقال 7:
هو واحدىّ
الذات باين من خلقه، و بذلك وصف نفسه و هو بكلّ شيء محيط بالأشراف و الاحاطة و
القدرة لا يعزب عنه مثقال ذرّة في السّماوات و لا في الأرض و لا أصغر من ذلك و لا
أكبر بالاحاطة و العلم لا بالذّات لأنّ الأماكن محدودة تحويها حدود أربعة فاذا كان
بالذات لزمته.
يعني أنّه
سبحانه لوحدانيّة ذاته و مباينته من خلقه كما وصف به نفسه في كتابه العزيز حيث
قال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فهو بكلّ شيء محيط» لأنّ غيره من
المخلوقات لكونه مكانيا يلزمه أنّ حصوله في مكان و حضوره عند جماعة يستلزم خلوّ
ساير الأمكنة عنه و غيبته عن جماعة اخرى كما هو شأن المكانيّات و هو ليس كذلك بل
حصوله هاهنا و حضوره لهؤلاء النفس حصوله هناك و حضوره لاولئك.
و قوله لا
بالذّات يعني أنّه ليست بالذّات لانّ الأماكن محدودة بحدود أربعة و هي:
القدّام، و
الخلف، و اليمين، و الشّمال، لعدم تحيّزها إلّا بالاعتبار عدّ الجميع حدّين و
الفوق و التّحت حدّين فصارت أربعة فلو كانت إحاطته بالذّات بأن كانت بالدّخول في
الأمكنة لزم كونه محاطا بالمكان كالمتمكّن و إن كانت بالانطباق لزم كونه محيطا
بالتمكن كالمكان و كلاهما باطل هذا.
و قوله: و لا أرض
أرضا قال الشارح المعتزلي هذا الكلام يدلّ على اثبات أرضين بعضها فوق بعض
كما أنّ السماوات كذلك و لم يأت في الكتاب العزيز ما يدلّ على هذا إلّا قوله
تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ
مِثْلَهُنَ و هو قول كثير من المسلمين و قد تأوّل ذلك أرباب المذاهب الاخر
القائلون بأنها