أن اللّفظ
المستعار إن كان اسم جنس كأسد و قيام و قعود و نحوها سمّيت الاستعارة أصلية، و
إلّا فتبعيّة كالفعل و ساير المشتقات و الحرف و قد تقدّم تحقيق ذلك في المسألة
السّابعة من مسائل المجاز فتذكر، إلّا أنّه ينبغي أن يعلم أن التشبيه إن قدّر
لمعنى المصدر في المشتقات و المتعلّق معنى الحروف فحينئذ يتحقّق الاستعارة
التّبعيّة و إن قدّر فيما اسند إليه الفعل و في مدخول الحرف فيكون حينئذ استعارة
مكنيّة مثلا إذا قلت: نطقت الحال بكذا فان قدّرت تشبيه دلالة الحال بنطق النّاطق
فهي استعارة تبعيّة، و إن قدّرت تشبيه الحال بالانسان المتكلم و جعلت نطقت قرينة
فالاستعارة مكنيّة، و إثبات النّطق تخييل كالأظفار في أظفار المنيّة و هكذا في
قوله تعالى: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً إن قدر التشبيه في
متعلق معنى الحرف كالعلية و الغرضيّة فالاستعارة تبعيّة، و إن قدر في المجرور بأن
اضمر تشبيه العداوة بالعلة الغائية و دلّ عليه بذكر ما يخص المشبّه به و هو لام
التّعليل فالاستعارة مكنيّة، إذ لم يذكر من أركان التشبيه سوى المشبّه و دلّ على
التّشبيه بذكر ما يخص المشبّه به و هو معنى الاستعارة المكنية، حسبما تعرفه إن شاء
اللّه.
التقسيم
الثالث
أنّ طرفيها
أعني المستعار منه و المستعار له إن أمكن اجتماعهما تسمّى وفاقيّة، لما بين
الطرفين من الوفاق مثل قوله تعالى:
أَ وَ مَنْ
كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ أى ضالّا فهديناه، فقد استعير الاحياء من
معناه الحقيقي و هو جعل الشيء حيّا للهداية التي هي الدّلالة على طريق يوصل إلى
المطلوب و الاحياء و الهداية ممّا يمكن