و بقي الكلام
في التّشبيه المحذوف المشبّه و الأداة مثل رأيت أسدا في الشّجاعة، و الظاهر أنّه
لا خلاف في أنّه تشبيه لا استعارة، لأن قولنا: في الشّجاعة يقتضي تقدير المشبّه أى
رأيت رجلا مثل الأسد في شجاعته و لا يصحّ أن لا يقدّر المشبّه و يصار إلى
الاستعارة إذ لا يصحّ وقوع اسم المشبّه مفعولا، فانّه لو قيل: رأيت رجلا في
الشّجاعة لكان لغوا من الكلام.
الفصل
الثاني في الاستعارة
و هي من معظم
فنون البلاغة و قد اطلق فيها البيانيّون أعنّة الأقلام حتّى أفردها بعضهم
بالتّأليف و ليس الغرض هنا استقصاء الكلام فيها و إنّما المقصود تقريبها إلى
الافهام بتعريف يزيل الابهام و الاشارة إلى أقسامها إجمالا مع اثبات شيء ممّا وقع
من محاسنها في كلام أمير المؤمنين 7 و في غيره نظما و نثرا قالوا: زوج
المجاز بالتّشبيه فتولد بينهما الاستعارة لأنّه اللّفظ المستعمل في غير ما وضع له
لعلاقة المشابهة كأسد في قولنا: رأيت أسدا يرمي فانّه استعمل في الرّجل الشّجاع
المشبّه بالحيوان المفترس الذي هو المعنى الحقيقي لذلك اللّفظ، و كثيرا ما يستعمل
الاستعارة في المعنى المصدري أعني فعل المتكلم الذي هو استعمال اسم المشبّه به في
المشبّه، فالمتكلم مستعير و اللّفظ مستعار و المعنى المشبّه به مستعار منه و
المعنى المشبّه مستعار له و يسمّى وجه الشّبه هنا جامعا.
إذا عرفت ذلك
فأقول: إن الاستعارة تنقسم إلى أقسام كثيرة باعتبارات مختلفة.
التقسيم
الاول
أنّها
باعتبار المستعار له و المستعار منه و الجامع ستّة أقسام.
أحدها أن
يكون الطرفان حسيّين و يكون الجامع أيضا حسيّا مثل قوله سبحانه: