إنّ الضابط «ويليامسن» أحد ركاب السفينة «كريستيانيا» الدانية كان ذا خلق عائب اتخذ لنفسه مسرّة خبيثة بإرهابي حين كلمني على المكاره الّتي سأقاسيها في إنكلترا، فذات يوم مثلا حينما كنّا نتغدّى، وضعت، بتفرّغ [1]، قطعة من الخبز على المائدة و أخذت أقطعها بسكيني في عناية. فقال لي: «إن قطعت خبزك بهذه الطريقة أيّام أن تكون في إنكلترا، فالسيدات بارتعابهن لموائدهن لن يدعونك مرّة أخرى للتغدّي عندهن، و لا تحسب أنّك تجد في هذه البلاد أحدا يعينك على تقطيع لحم طعامك كما تفعل هنا». و كان إن اتفق أن أنصبّ من يدي شيء من المرقة على المائدة أو على ملبسي ينظر إليّ بإنكار و يقول «إن تفعل كذلك في إنكلترا لا يبق أحد معك على المائدة». مع أنّه في كل موضع دعيت فيه إلى وليمة، في دبلن أو لندن كان سيد الدار أو سيدتها ذلك يعذراني [2] على عدم دربتي و يجبراني [2] أحيانا أن آكل على طريقة أهل بلادي فإذا أبيت ذلك حملهما لطفهما على أن يقطعا لي لحم طعامي بأنفسهما. و مرّة أخرى قال لي «ويليامسن»: «لا يود أحد أن يقرضك في لندن و لو اثني عشر فلسا» «و إنّه يجب عليّ أن أعطي دراهم في جميع الطرق الّتي أمر فيها، و ينبغي أن أعطي أيضا من يدلني على طريقي». و لم يكن شيء أبطل من هذا القول و أكذب منه، ففي الغالب كان ينفق عليّ إنكليز من معارفي اثني عشر شلنا أو خمسة عشر بحجّة أنّهم دعوني إلى قضاء دورة تنزهية ليروني عجائب المدينة. و أهدوا إليّ كتبا و سكاكين و مناظر و ساعات و أشياء أخرى ثمينة، و عرضوا عليّ أيضا و غالبا أن يقرضوني حتّى ألفي كنيه و ثلاثة آلاف، و أنا أذكر هذه الأفعال المعتبرة خصوصا لأوضح الفرق بين أخلاق الإنكليز الّذين يعيشون في الهند و الطبائع الحقيقة لأهل هذه البلاد.
العبور إلى إنكلترا
و في كانون الثاني سنة «1800 م» استأذنت جميع أصدقائي في دبلن و ودّعتهم و أبحرت على سفينة مسمّاة «باكبوت» تستعمل لنقل الكتب و الركاب من جزيرة إلى أخرى، و كانت مغادرتنا ساحل إيرلندا في منتصف
[1] هذه كلمة الأصل و الظاهر أنّ ترجمتها إلى الفرنسية لم تكن صحيحة. (م).