و من هنا ظهر ضعف الاستدلال لحرمة مطلق الصوت المطرب، و إن لم يكن لهويّا، بما حكي عن المفيد ; من دعوى الإجماع على حرمة الغناء [2] لعدم معلومية إرادته من الغناء ما يشمل غير اللهويّ.
على أنّه يحتمل أن يكون استناده في هذه الدعوى إلى اتّفاقهم على مسألة أصوليّة نظير دعواه إجماع المسلمين على أنّ المطلّقة ثلاثا في مجلس واحد يقع منها واحدة.
ثم قال: و أمّا إجماع الأمّة فهم مطبقون على أنّ ما خالف الكتاب و السنّة فهو باطل، و قد تقدّم وصف خلاف الطلاق بالكتاب و السنّة، فحصل الإجماع على إبطاله [3] انتهى.
فلعلّه نظر إلى دلالة بعض الآيات و كثير من الروايات على حرمة الغناء فادّعى الإجماع عليها لإطباقهم على أنّ ما حرّمه الكتاب و السنّة فهو حرام.
ثم لو سلّمنا حجيّة مثل ذلك، فلا نسلّم حجيّته بالنسبة إلى جميع ما يطلق عليه الغناء، بل المسلّم ثبوت الحرمة في الجملة، و هذا لا يجدي في تعميم الحكم لمحلّ النزاع.
و ممّا بيّنّاه تبيّن حال الاستناد إلى الشهرة أيضا، فليتدبّر.
المقدّمة الثالثة:
المطلق من حيث هو لا يفيد العموم، لأنّه لم يوضع له لغة و لا عرفا، بل هو موضوع للماهيّة المطلقة لا بشرط شيء آخر، بخلاف الألفاظ الموضوعة للعموم فإنّها موضوعة للماهيّة بشرطه.
و إلى هذا يرجع ما في «تمهيد القواعد» للشهيد الثاني من أنّ الفرق بينهما مع اشتراكهما في الحكم أنّ العام هو الدالّ على الماهية باعتبار تعدّدها، و المطلق هو الدالّ عليها من حيث