و هذا البيان، كما يأتي في العبادة المحرمة، يأتي أيضا في كل مصداق لطبيعة مأمور بها، سواء كان الأمر تعبديا أو توصليا.
و أما ثانيا: فلأننا لو افترضنا مثلا أن الملاك موجود في تلك العبادة المحرمة و لكنها ما دامت محرمة و مبغوضة للمولى فلا يمكن التقرب بها نحوه، و معه لا تقع عبادة لتصح و تجزي عن الأمر، و هذا البيان يختص بالعبادات و لا يجري في غيرها.
و أما تحريم المعاملة فتارة يراد به تحريم السبب المعاملي الذي يمارسه المتعاملان، و هو الإيجاب و القبول مثلا، و أخرى يراد به تحريم المسبّب، أي التمليك الحاصل نتيجة لذلك.
ففي الحالة الأولى لا يستلزم تحريم السبب بطلانه و عدم الحكم بنفوذه، كما لا يستلزم صحته و نفوذه، و لا يأبى العقل عن أن يكون صدور شيء من المكلف مبغوضا للمولى، و لكنه إذا صدر ترتب عليه بحكم الشارع أثره الخاص به كما في الظهار، فإنه محرم و لكنه نافذ و يترتب عليه الأثر.
- الجنب و الحائض و صوم العيدين- أو على الأقل مع عدم العلم بوجود أمر بها لا دليل على محبوبية هذه العبادات المحرّمة فكيف يمكن تصحيح هكذا صلاة؟!
و بكلمة مختصرة: إذا نهى المولى تعالى عن صلاة الحائض أو صوم العيدين فهذا يعني انه تعالى ليس فقط لم يعتبرهما عبادة و انما يبيّن لنا حرمتهما، و عدم كونهما عبادة يكفي في بطلانهما فضلا عن تحريمهما.