و أما بالنسبة إلى الضد الخاص فقد وقع الخلاف فيه و ذهب جماعة إلى أن إيجاب شيء يقتضي تحريم ضده الخاص، فالصلاة و إزالة النجاسة عن المسجد إذا كان المكلف عاجزا عن الجمع بينهما، فهما ضدان، و إيجاب أحدهما يقتضي تحريم الآخر.
و قد استدل البعض على ذلك بأن ترك أحد الضدين مقدمة لوقوع الضد الآخر فيكون واجبا بالوجوب الغيري، و إذا وجب أحد النقيضين حرم نقيضه، و بهذا يثبت حرمة الضد الخاص (1).
و لكن الصحيح أنه لا مقدمية لترك أحد الفعلين لإيقاع الفعل الآخر، فإن المقدمة هي العلة أو جزء العلة، و نحن نلاحظ أن المكلف في مثال الصلاة و الإزالة يكون اختياره هو العلة الكفيلة بتحقق ما يختاره و نفي ما لا يختاره، فوجود أحد الفعلين و عدم
- واجبة فبالتالي تركها ممنوع عقلا في مرحلة الامتثال و إن قد لا يحرم تركها شرعا لاحتمال عدم المفسدة في الترك، إذ قد لا يتاجر الشخص فلا يربح، و رغم ذلك إن ترك التجارة لا يخسر، و يحتمل أن تكون الواجبات الدينية كالصلاة و الصيام من قبيل التجارة. إذن ليس هناك دليل على وجود ملازمة بين وجوب الصلاة و حرمة تركها شرعا.
(1) بيان ذلك: إذا وقعت نجاسة في المسجد فإنه يجب المبادرة إلى إزالتها قبل الصلاة- مع سعة وقت الصلاة- فهل بناء على وجوب فوريّة إزالة النجاسة تحرم الصلاة أم لا؟ قيل نعم، تحرم الصلاة، بدليل أن ترك الصلاة مقدّمة لإزالة النجاسة، فيكون ترك الصلاة واجبا بالوجوب الغيري، و إذا وجب ترك الصلاة حرمت الصلاة.