و القائلون بالملازمة يتفقون على أن الوجوب الغيري معلول للوجوب النفسي، و على هذا الأساس لا يمكن أن يسبقه في الحدوث، كما لا يمكن أن يتعلق بقيود الوجوب (2)، لأن الوجوب النفسي لا يوجد إلّا بعد افتراض وجودها، و الوجوب الغيري لا يوجد إلّا بعد افتراض الوجوب النفسي، و هذا يعني أن الوجوب الغيري [كوجوب السير الى الحج] مسبوق دائما بوجود قيود الوجوب [كالاستطاعة الى الحج]، فكيف يعقل أن يتعلق بها (3) و إنما يتعلق بقيود الواجب و مقدماته العقلية و الشرعية.
(1) لأنّ ترشح الحبّ و الإرادة تكوينيان بخلاف الوجوب فإنه يحتاج إلى جعل.
فالمولى تعالى إذا أمر بالحج فإنه يحب المسير إليه و لو مشيا على الأقدام و يريد ذلك و لذلك يثيب عليه و على المسير إلى المسجد للصلاة، لكنه لا داعي لجعله واجبا للغوية ذلك (*).
(2) أي لا يمكن أن تجب قيود الوجوب- كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج- بالوجوب الغيري، أي لا يصح أن نقول تجب الاستطاعة لكي نتمكن من الحج و ذلك لأنّ الترتيب الواقعي هو هكذا (1) قيود الوجوب كالزوال و البلوغ و العقل (2) الوجوب النفسي للصلاة (3) وجوب مقدّمات الصلاة (4) قيود الواجب كالوضوء، و عليه فلا يمكن أن يتعلّق الوجوب الغيري- الذي يأتي في المرحلة الثالثة- بقيود الوجوب النفسي- الذي يأتي في المرحلة الأولى- و هذا أمر بديهي.
(3) أي فكيف يمكن ان يتعلّق الوجوب الغيري بمقدمات الوجوب، أو قل كيف يمكن ان يتعلق الوجوب بالاستطاعة؟! فهل رأيت فقيها يوجب تحصيل الاستطاعة على الناس؟!-
(*) (أقول) لو قدّر لنا ان ننظر الى اللوح المحفوظ لوجدنا «الصلاة واجبة» «الحج واجب» ... الخ و لما وجدنا للمقدّمات العقلية للحج- كالسير اليه و تهيئة جواز السفر و تأشيرة الدخول- أثرا، لانّ هذه امور يدركها العقل و لا داعي لتشريعها ..