تلك الحصّة ليست متعلقا للأمر، و إنما هي مصداق لمتعلق الأمر، و إن متعلق الأمر نسبته إلى سائر الحصص على نحو واحد، و الوجوب لا يسري من الجامع إلى الحصة بمجرّد تطبيق المكلف، لأن استقرار الوجوب على متعلّقه إنما هو بالجعل، و المفروض أنه قد جعل على الطبيعي الجامع الملحوظ بنحو صرف الوجود.
و خلافا لذلك ما إذا أمر المولى بالطبيعي على نحو الاطلاق الشمولي أو العموم و مطلق الوجود فقال: «أكرم زيدا بكل أشكال الإكرام»، فإن كل شكل منها يعتبر متعلّقا للوجوب و ليس مجرّد مصداق للمتعلق، فالوجوب هنا يتعدّد و تنال كل حصّة وجوبا خاصا بها.
و كما رأينا سابقا وجود محاولة لإرجاع الوجوب التخييري إلى وجوب واحد للجامع، فإنّ هناك محاولة معاكسة ممّن يرى أنّ الوجوب التخييري وجوبان مشروطان و هي محاولة ارجاع الوجوب المتعلق بالطبيعي الجامع على نحو صرف الوجود إلى وجوبات متعدّدة للحصص، مشروط كل واحد منها بعدم الإتيان بسائر الحصص، و قد يعبّر عن هذه المحاولة بأنّ الأوامر متعلّقة بالأفراد لا بالطبائع (1).
(1) لم يعلّق سيدنا الشهيد ; على هذا التوجّه لوضوح بطلانه، فإنّ قول اللّه تعالى أَقِيمُوا الصَّلاةَ* مفاده الأمر بطبيعي الصلاة، و للفرد أن يختار أي حصّة شاء، بالثوب الأبيض أو الأسود، في أول الوقت أو في آخره ...
و بتعبير آخر: المأمور به هو طبيعي الصلاة و أمّا هذه الحصّة الفلانية التي أتينا بها فليست هي المأمور بها و إنما هي مصداق للمأمور به (أي للطبيعي).