- و فعلية وجوب الانقاذ مطلقا لا يضرّ بتمامية ملاك وجوب الصلاة و محبوبيتها و فعليّتها، نعم بما أنّ المكلف عاجز عن امتثالهما معا فإنّ منجزية وجوب الصلاة تتقيّد عقلا بعدم الاشتغال بالانقاذ، و لو أراد المولى أن يقيد فعلية وجوب الصلاة بالقدرة بالمعنى الأعم كما يدّعي سيدنا الشهيد ; لذكر ذلك كما ذكر جلّ و علا في مثالي الحج و الصيام.
و بتعبير مختصر: أيّ مشكلة تحصل في عالم الامتثال ترفع المنجزية، و أي مشكلة تحصل في عالم الملاك- كعدم الاستطاعة للحج- ترفع الفعلية. و لذلك «لو فرض المحال و صدر كلا الضدين من المكلف» كالانقاذين المتضادّين أو الانقاذ و الصلاة لوقعا على وجه المطلوبية معا لفعليتهما معا- خلافا لما في المتن- و سيعترف سيدنا الشهيد (قده) بذلك في البحث التالي- التخيير الشرعي في الواجب- مرّتين فراجع.
و لنا في بيان كل هذا المطلب أسلوب آخر و هو: أنك إذا شككت في تقيد وجوب الصلاة- في مرحلة الجعل- بعدم الاشتغال بالمزاحم الأهم أو المساوي فإنّ عليك أن تتمسك بإطلاق «صلّ» الغير مقيّد بذلك، و عليه فتصل إلى الوجوب الفعلي للصلاة رغم الاشتغال بالمزاحم، هذا على مستوى الجعل و شرائط الفعلية. فإذا اشتغلت بالمزاحم فإن وجوب الصلاة يبقى فعليا على البالغ العاقل الذي دخل عليه وقت الصلاة و تبقى الصلاة محبوبة إلى حدّ الالزام، إلّا أنه بما أنك اشتغلت بالمزاحم فإنّ وجوب الصلاة الفعلي ترتفع منجّزيته أي فاعليته و محرّكيته. و عليه فإذا ترك المكلف الإنقاذ (الأهم) و أتى بالصلاة (المهم، و الواجبة بالوجوب الفعلي) فإنّ صلاته ستصح بلا شك. و بهذا بان بطلان إدّعاء سيدنا الشهيد ; بأنّ من شرائط فعلية الحكم عدم الاشتغال بالمزاحم، فإنها دعوى بلا دليل، بل الدليل قائم على بطلانها و هو التمسك بإطلاق دليل «أَقِيمُوا الصَّلاةَ»* بالتقريب المذكور.