مستحيل، لأن المكلف في حالة تركه لكلا الضدّين يكون كلّ من الأمرين فعليا و ثابتا في حقّه لأن شرطه محقق، و هذا يعني أن المكلف في هذه الحالة يطلب منه كلا الضدين و هو محال.
و الجواب على الاعتراض (1): انّ الأمرين و الوجوبين و إن كانا فعليين معا في الحالة المذكورة، و لكن لا محذور في ذلك، إذ ما دام امتثال أحدهما ينفي شرط الآخر و موضوعه و بالتالي ينفي فعلية الوجوب الآخر فلا يلزم من اجتماع الأمرين أن يكون
- بالترتب- الذي مفاده أنقذ، و إن لم تنقذ و فعلت حراما فصلّ- إن لم ينقذ المكلف و لم يصلّ فقد تحقّق شرطا وجوب الانقاذ و وجوب الصلاة في نفس الوقت و هو محال.
(1) بيان هذا الجواب: صحيح أن المكلف إذا ترك الواجبين المتزاحمين- كالإنقاذ و الصلاة- فإنه لا محالة سيصير كلا الوجوبين عليه فعليا، و أي مشكلة في اجتماع واجبين متضادّين فعليين في وقت واحد إذا كان المكلف هو السبب في هذا الاجتماع؟ و إلّا فلو لا تقصير المكلف لا اجتماع بينهما في مرحلة الجعل و إنما هما طوليان كما عرفت مرارا (*).
(*) أقول لكن رغم ذلك يبعد ترتب عقابين على ترك الانقاذ و الصلاة عقلا، فلو غرقت سفينة فيها ألف راكب و كان المكلف قادرا على إنقاذ واحد منهم فقط فقصّر و تركهم، فهل يحكم العقل بأنه السبب في موتهم بحيث لو فرضنا وجوب الدّية على الاهمال لوجب عليه ألف دية كأنه قتلهم جميعا؟! أم يحكم العقل بصرف معصية المولى و بترتب دية واحدة و كأنه قتل نفسا واحدة؟ لو كنت أنا المحاسب لحكمت عليه بمعصية واحدة فكيف و المحاسب هو اللّه سبحانه و تعالى.
و سيعترف سيدنا الشهيد ; بهذا الأمر في الموضوع التالي فيقول- في التخيير الشرعي في الواجب- إن المكلف يعدّ عاصيا إذا ترك البدائل كلها، غير أنها معصية واحدة و لها عقاب واحد.