قيوده، و العلم بالحكم متوقف على الحكم توقف كل علم على معلومه، فإذا كان العلم بالحكم من قيود نفس الحكم لزم توقف كل منهما على الآخر، و هو محال.
و قد أجيب على ذلك بمنع التوقف الثاني (1)، لأن العلم بشيء لا يتوقف على وجود ذلك الشيء و إلّا لكان كل علم مصيبا، و إنما يتوقف على الصورة الذهنية له في أفق نفس العالم (2)، أي أن العلم يتوقف على المعلوم بالذات، لا على المعلوم بالعرض فلا دور.
إلّا أن هذا الجواب لا يزعزع الاستحالة العقلية، لأن العقل قاض
متعلق العلم، و هكذا أيضا إذا قلنا بأن المراد بمتعلق العلم هو الجعل و ما يترتب على العلم هو المجعول، أي اذا سمعت بآية التقصير في السفر (و هو العلم بالجعل) فقد وجب عليك التقصير (أي يصير الجعل بحقّك فعليا).
(1) المراد بالتوقّف الثاني توقّف العلم بالجعل على الجعل.
مراده أن يقول هنا إنك إذا رأيت زيدا و حكمت بأنه زيد فأنت في الواقع حكمت على صورته الموجودة في ذهنك و لكن لتطابقهما غالبا تتوهّم أنك تحكم على هذا الخارج و تضع يدك عليه أيضا، و لكن الواقع أنك تحكم على صورته الموجودة في ذهنك بأنها زيد، و لذلك كان المعلوم بالذات هي هذه الصورة الذهنية، و المعلوم بالعرض هو زيد الخارجي. (و هنا) صار ثبوت الجعل رقم (1) في الرسم السابق هو المعلوم بالذات لأنه الصورة الذهنية، و ثبوت الجعل رقم (3) هو المعلوم بالعرض لأنه هو الثبوت الخارجي للجعل.