تارة يترك المكلف الواجب و هو قادر على إيجاده و هذا هو العصيان، و أخرى يتسبب إلى تعجيز نفسه عن الإتيان به، و هذا التسبيب له صورتان:
الاولى: أن يقع بعد فعلية الوجوب، كحال إنسان يحل عليه وقت الفريضة ولديه ماء فيريق الماء و يعجّز نفسه عن الصلاة مع الوضوء، و هذا لا يجوز عقلا لأنه معصية.
الثانية: أن يقع قبل فعلية الوجوب، كما لو أراق الماء في المثال قبل دخول الوقت، و هذا يجوز لأنه بإراقة الماء يجعل نفسه عاجزا عن الواجب عند تحقق ظرفه، و حيث إن الوجوب مشروط بالقدرة فلا يحدث الوجوب (1) في حقه، و لا محذور في أن يسبّب المكلف إلى أن لا يحدث الوجوب في حقه، و إنما المحذور في أن لا يمتثله بعد أن يحدث. و لكن قد يقال هنا (2) بالتفصيل بين ما إذا كان دخل القدرة في هذا الوجوب عقليا أو شرعيا، فإذا كان الدخل شرعيا [كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج] جاز التعجيز المذكور (3)، لأنه لا يفوّت على المولى بذلك شيئا،
(1) كوجوب الوضوء، و كذا الوجوب في السطر التالي، و لك أن تفسّر الوجوب فيهما بمعنى وجوب الصلاة عن وضوء.