و يقدم الدليل الحاكم على الدليل المحكوم بالقرينية، و نتيجة تقديم الحاكم في الأمثلة المذكورة تضييق دائرة الدليل المحكوم و اخراج بعض الحالات عن اطلاقه.
و لا يختص الحاكم بالتضييق، بل قد يكون موسّعا كما في حالات التنزيل نظير قولهم: «الطواف بالبيت صلاة»، فإنه حاكم على أدلّة أحكام الصلاة من قبيل: «لا صلاة إلّا بطهور» لأنه ناظر إلى تلك الأحكام و موسّع لموضوعها بالتنزيل إذ ينزل الطواف منزلة الصلاة (1).
و يلاحظ من خلال ما ذكرناه التشابه بين الدليل الوارد النافي لموضوع الحكم في الدليل المورود، و بين الدليل الحاكم الناظر إلى موضوع القضية في الدليل المحكوم، و لكنهما يختلفان اختلافا أساسيا، لأن الدليل الوارد ناف لموضوع الحكم في الدليل المورود حقيقة، و أما الدليل الحاكم المذكور فهو يستعمل النفي كمجرد لسان لأجل التنبيه على أنه ناظر إلى الدليل المحكوم و قرينة عليه.
(1) بلحاظ شروط الصلاة كالطهارة، فنفتي بوجوب الطهارة في الطواف لأنه نزّل منزلة الصلاة. فالدليل الحاكم وسّع مفهوم الصلاة ليشمل الطواف أيضا و ليطبّق عليه قوانين الصلاة من الطهارة و الستر و نيّة القربة. إذن الدليل الحاكم إذا وسّع أو ضيّق الموضوع فإنما يريد من وراء ذلك التصرّف بالحكم.