ذلك الحكم الشرعي فهو خلاف ظاهر دليل الاستصحاب، لأن مفاده كما عرفنا تنزيل مشكوك البقاء منزلة الباقي، و التنزيل دائما ينصرف عرفا إلى توسعة دائرة الآثار المجعولة من قبل المنزّل لا غيرها، و نبات اللحية أثر للحياة، و لكنه أثر تكويني و ليس بجعل من الشارع بما هو شارع، فهو كما لو قال الشارع: نزلت الفقّاع (1) منزلة الخمر فكما يترتب على ذلك توسعة دائرة الحرمة لا توسعة الآثار التكوينية للخمر بالتنزيل، كذلك يترتب على استصحاب الحياة توسعة الأحكام الشرعية للحياة عمليا لا توسعة آثارها التكوينية التي منها نبات اللحية (2).
- هو أثر تكويني، و الآثار التكوينية خارجة عن مجال الشارع المقدّس، فانّ الشارع المقدّس لا يمكن ان يتعبّدك طويلا و أنت قصير و ان يعتبر الحائط اسود و هو ابيض و هكذا.
(1) تلفظ فقّاع كرمّان، و هو شراب يتخذ من الشعير، سمّي به لما يرتفع على سطحه من الزبد (المنجد و تاج العروس ج 5 ص 455).
(2) هذه مسألة في غاية الأهمية في علم الفقه، بيانها: انه إذا نذر الأب أن يذبح شاة إذا نبتت لحية ولده زيد ثم غاب ولده مدّة بحيث لو كان حيّا لنبتت لحيته، فهل يستصحب الأب حياة ولده ليترتّب على ذلك وجوب ذبح شاة؟
المشهور بين المحقّقين عدم صحّة هذا الاستصحاب، و يعبّرون عنه ب «الأصل المثبت» فيقولون: هذا الأصل لا يجري لأنه مثبت. و سبب عدم قولهم بهذا الأصل هو أنك إذا أردت إثبات وجوب ذبح الشاة باستصحاب حياة زيد- بلا تعبّد بنبات لحيته- فهذا غير صحيح، لأنّ وجوب ذبح الشاة مترتّب على نبات لحية زيد لا على حياته.
و إن أريد إثبات وجوب ذبحها باستصحاب حياة زيد ثم بالتعبّد بنبات لحيته-