و أما الثاني: ففيه أن الجري و الانسياق العملي على طبق الحالة السابقة، و إن كان غالبا في سلوك الناس، و لكنه بدافع من الألفة و العادة التي توجب الغفلة عن احتمال الارتفاع أو بدافع الاطمئنان بالبقاء في كثير من الأحيان، و ليس بدافع من البناء على حجيّة الحالة السابقة في إثبات البقاء تعبدا (1).
و أما الثالث- أي الأخبار- فهو العمدة في مقام الاستدلال:
فمن الروايات المستدل بها صحيحة زرارة عن أبي عبد اللّه 7، حيث سأله عن المرتبة التي يتحقق بها النوم الناقض للوضوء، فأجابه ... ثم سأله عن الحكم في حالة الشك في وقوع النوم إذ قال له: فإن حرّك في جنبه شيء و لم يعلم به، فكأنّ عدم التفاته إلى ما حرّك في جنبه جعله يشك في أنه نام فعلا أو لا فاستفهم عن حكمه، فقال له الامام 7: لا، حتى يستيقن أنه قد نام، حتى يجيء من ذلك أمر بيّن، و إلّا فإنه على يقين من وضوئه، و لا ينقض اليقين أبدا بالشك، و لكن ينقضه بيقين آخر.
و الكلام في هذه الرواية يقع في عدة جهات:
الجهة الأولى: في فقه الرواية بتحليل مفاد قوله «و إلّا فإنه على
(1) لأن العقلاء ليس عندهم شيء اسمه تعبّد و إنما يعملون بالعلم و الاطمئنان فقط، لذلك إن عملوا بالاستصحاب للاطمئنان فهو حجة لحجيّة الاطمئنان لا لأنهم عملوا بالاستصحاب صار حجّة فانهم قد يستصحبون الحالة السابقة لا من باب التعبد و الحجية، و انما من باب العادة و احتمال البقاء.