و هذا أيضا دوران بين الأقل و الأكثر بالنسبة إلى ما أوجبه المولى على المكلف، و ليس دورانا بين المتباينين فلا يتصور العلم الإجمالي المنجّز، بل تجري البراءة عن وجوب التقيد.
و قد يفصّل بين أن يكون ما يحتمل شرطيته محتمل الشرطية في نفس متعلق الأمر ابتداء، أو في متعلق المتعلق، أي الموضوع.
ففي خطاب «اعتق رقبة» المتعلّق للأمر هو العتق، و الموضوع هو الرقبة، فتارة يحتمل كون الدعاء عند العتق قيدا في الواجب، و أخرى يحتمل كون الإيمان قيدا في الرقبة.
ففي الحالة الأولى تجري البراءة لأن قيدية الدعاء للمتعلّق معناها تقيده و الأمر بهذا التقيّد، فيكون الشك في هذه القيدية راجعا إلى الشك في وجوب التقييد، فتجري البراءة عنه.
و في الحالة الثانية لا تجري البراءة، لأن قيدية الإيمان للرقبة لا تعني الأمر بهذا التقييد لوضوح أن جعل الرقبة مؤمنة ليس تحت الأمر، و قد لا يكون تحت الاختيار أصلا، فلا يعود الشك في هذه القيدية إلى الشك في وجوب التقييد لتجري البراءة (1).
(1) و إنما يصير شرط الإيمان من مقدّمات الوجوب كالاستطاعة بالنسبة إلى الحج، أي إن وجدت رقبة مؤمنة فأعتقها، و من المعلوم أنه لا تجري البراءة في مقدّمات الوجوب كاشتراط الاستطاعة و الزوال و البلوغ و العقل لأنه لا معنى لئن تقول أنت بريء الذمّة من شرط الاستطاعة و إنما تقول أنت بريء الذمّة من شرطية الطهارة في صلاة الميّت مثلا.