عن دليل الأصل المؤمّن (1) فإطلاق دليل الأصل لكل طرف يعارض إطلاقه للطرف الآخر، و يسقط الاطلاقان معا، فلا تجري البراءة الشرعية هنا و لا هناك للتعارض بين الأصلين، و يجري كل فقيه حينئذ وفقا للمبنى الذي اختاره في المقام الأول لتشخيص حكم العقل بالمنجّزيّة، فعلى مسلك حق الطاعة القائل بمنجّزيّة العلم و الاحتمال معا تجب الموافقة القطعية، لأن الاحتمال في كل من الطرفين منجّز عقلا ما لم يرد إذن في مخالفته، و المفروض عدم ثبوت الإذن، و على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان القائل بمنجّزيّة العلم دون الاحتمال، فيقتصر على مقدار ما تقتضيه منجّزيّة العلم بالجامع على الافتراضات الثلاثة المتقدمة فيها.
و أما إذا لم نبن على استحالة الترخيص في المخالفة القطعية عن طريق اجراء أصلين مؤمنين في الطرفين (2)، فقد يقال حينئذ:
إنه لا يبقى مانع من التمسك بإطلاق دليل البراءة لإثبات جريانها في كل من الطرفين، و نتيجة ذلك جواز المخالفة القطعية.
و لكن الصحيح مع هذا عدم جواز التمسك بالإطلاق المذكور و ذلك:
أولا: لأن الترخيص في المخالفة القطعية و إن لم يكن منافيا
(1) أي و حيث لا معيّن للطرف الذي لا يجري فيه الأصل المؤمّن ...
(2) يظهر مما سبق أن هذا هو رأي سيدنا الشهيد (رضوان اللّه عليه).