و على الثالث: يدخل في العهدة- بسبب العلم- الجامع بين الصلاتين، لأن الوجوب لم يتنجز بالعلم إلّا بقدر إضافته إلى الجامع، فلا يسعه ترك الجامع بترك كلا الطرفين معا (1)، و يسمى تركهما معا بالمخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالاجمال، فيكفيه أن يأتي بأحدهما، لأن ذلك يفي بالجامع و يسمى الإتيان بأحد الطرفين دون الآخر موافقة احتمالية.
و قد يقال بالافتراض الأول باعتبار أن المصداق الواقعي هو المطابق الخارجي للصورة العلمية [المعلومة بالاجمال]، و حيث إن العلم ينجز بما هو مرآة للخارج و لا خارج بإزائه إلّا ذلك المصداق [الواقعي الضائع بين الأطراف] فيكون هو المنجّز بالعلم (2).
و قد يقال بالافتراض الثاني باعتبار أن العلم بالجامع نسبته بما هو إلى كل من الطرفين على نحو واحد، و مجرد كون أحد
(1) و هي مقالة المحققين الاصفهاني و النائيني و السيد الشهيد رحمهم اللّه تعالى.
(2) اعلم أن المنجّز هو العلم بالحكم لا نفس الحكم الخارجي، فلو كان الدعاء عند رؤية الهلال واجبا و لكننا لم نعلم بذلك لم يتنجّز علينا، و هنا الأمر كذلك فليس المصداق الواقعي الضائع بين الأطراف هو المنجّز للتكليف علينا، و إنما المنجّز هو العلم به، و لذلك قال هنا سيدنا الشهيد ; بأنّ المنجّز للتكليف بناء على هذا الافتراض الأول هو علمنا بوجوب صلاة واحدة ضائع و مردّد بين الوجوبين.