و لكن ذهب جماعة من المحققين إلى أن هذه الرواية مختصة بالشبهات الموضوعية، و ذلك لقرينتين:
الأولى: إن ظاهر قوله (كل شيء فيه حلال و حرام) افتراض طبيعة منقسمة فعلا إلى أفراد محلّلة و أفراد محرّمة [كالجبن]، و أن هذا الانقسام هو السبب في الشك في حرمة هذا الفرد أو ذاك، و هذا إنما يصدق في الشبهة الموضوعية لا في مثل الشك في حرمة شرب التتن مثلا و أمثاله من الشبهات الحكمية، فإن الشك فيها لا ينشأ من تنوع أفراد الطبيعة، بل من عدم وصول النص الشرعي على التحريم.
الثانية: ان مفاد الحديث إذا حمل على الشبهة الحكمية كانت كلمة (بعينه) تأكيدا صرفا، لأن العلم بالحرام فيها مساوق للعلم بالحرام بعينه عادة. و أمّا إذا حمل على الشبهة الموضوعية كان للكلمة المذكورة فائدة ملحوظة لأجل حصر الغاية للحلية بالعلم التفصيلي دون العلم الإجمالي الذي يغلب تواجده في الشبهات الموضوعية، إذ من الذي لا يعلم عادة بوجود جبن حرام و بوجود لحم حرام و بوجود شراب نجس؟ و إنما الشك في أن هذا الجبن أو اللحم أو الشراب المعين هل هو من الحرام النجس أو لا؟ و عليه فيكون الحمل على الشبهة الموضوعية متعينا عرفا، لأن التأكيد الصرف خلاف الظاهر.